للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وروى البلاذري «وكانت بيعته الّتي أخذ على النّاس أن يحاربوا مَنْ حارب، ويُسَالِمُوا مَنْ سالم. فقال بعض من حضر: والله ما ذكر السِّلْم إلا ومِنْ رأيه أن يصالح معاوية» (١).

ويقول ابن كثير -رحمه الله- معلقًا على بيعة الحسن -رضي الله عنه-: «ولم يكن في نيّة الحسن أن يقاتل أحدًا، ولكن غلبوه على رأيه، فاجتمعوا اجتماعًا عظيمًا لم يُسْمَع بمثله» (٢).

وأما عن قوله: إن معاوية -رضي الله عنه- جعل عبد الله بن عامر -رضي الله عنه- في المقدمة. فهذا لا يصح أيضًا؛ لأن عبد الله بن عامر -رضي الله عنه- بعثه معاوية -رضي الله عنه- لمفاوضة الحسن -رضي الله عنه- على الصلح كما سيأتي بيان ذلك في خبر الصلح مع الحسن -رضي الله عنه-.

وقد ذكر البلاذري (٣) أن الذي كان على مقدمة معاوية -رضي الله عنه- هو بسر بن أرطأة (٤).

وفي هذه الرواية نُهِبَ الحسن -رضي الله عنه-، واختلفت المصادر في سبب

نهْبِه -رضي الله عنه- والاعتداء عليه إلى سببين هما:

- الأول: أن سبب ذلك هو ما شاع في الجيش أن قيس بن سعد -رضي الله عنه- (٥) قد


(١) البلاذري: الأنساب ٢٩/ ٣.
(٢) البداية والنهاية ١٦/ ٨.
(٣) الأنساب ٣/ ٣٨.
(٤) بسر بن أرطأة أو ابن أبي أرطأة واسم أبي أرطأة عمير بن عويمر القرشي العامري، يكنى أبو عبد الرحمن، مختلف في صحبته، شهد فتح مصر، وكان من شيعة معاوية -رضي الله عنه-، وقد وجه إلى الحجاز واليمن أول سنة أربعين، قال عنه ابن حبان: (كان يلي لمعاوية الأعمال، وكان إذا دعا ربما استجيب له، وله أخبار في الفتن لا ينبغي التشاغل بها)، قيل: توفي في خلافة معاوية -رضي الله عنه- وقيل: بقي إلى خلافة عبد الملك. ابن حجر: الإصابة ١/ ٤٢١. قلت: يكثر اتهامه بفعل المنكرات وذلك نكاية بصحبته لمعاوية -رضي الله عنه-.
(٥) قيس بن سعد بن عبادة بن دليم الأنصاري -رضي الله عنه-، سيد الخزرج وابن سيدهم، دفعه أبوه إلى
الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليخدمه، وهو منه بمنزلة صاحب الشرطة، وكان جوادًا، شجاعًا، يستدين ليطعم، يعد من دهاة العرب، ولَّاه علي إمرة مصر، وشهد معه حرب الخوارج والنهروان وصفين، ثم دخل مع الحسن -رضي الله عنه- في صلحه، ورجع إلى المدينة، اختلف في وفاته قيل: في آخر خلافة معاوية -رضي الله عنه- وقيل: سنة إحدى وستين. ابن الجوزي: المنتظم ٥/ ٣١٦. الذهبي: السير ٣/ ١٠٢.

<<  <   >  >>