للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا الخبر رواه الطبري (١) عن المدائني بإسناد منقطع، ثم كيف لهشام وما عرف به من حسن السيرة وصحبة العلماء أن يولي الحج رجلًا بلغ من أمره ما سبق.

ثم ساق الطبري الخبر مطولًا، وفيه أن هشامًا أراد عزله لما تمادى في الشراب والمجون وحصل بينهما بعض المشاحنة، وأن الوليد خرج وأقام في البرية حتى توفي هشام، وهذا من الشواهد والآثار التي رويت وعملت على تشويه هذا الخليفة.

ونجد أن هذا الخبر خلط بين أن هشام أراد خلعه لمجونه وفسقه، وأنه يريد تولية ابنه بدلًا منه، وقد حصل بينهما قطيعة، حتى مات هشام، وهذا الخبر لا يتسنى لنا نفيه بالجملة؛ لأن ما جاء بعده من انتقام الوليد من أبناء هشام دليل على القطيعة التي قد حصلت بينهما. حتى قال الوليد بن يزيد في قطيعة هشام له شعرًا، ومنه قوله:

رأيتك تبني جاهدًا في قطيعتي … فلو كنت ذا إرب لهدمت ما تبني

تثير على الباقين مجنى ضغينة … فويل لهم إن مت من شر ما تجنى!

كأني بهم والليت أفضل قولهم … ألا ليتنا والليت إذ ذاك لا يغني

كفرت يدًا من منعم لو شكرتها … جزاك بها الرحمن ذو الفضل والمن (٢)

وقال أيضًا:

أليس عظيمًا أن أرى كل واردٍ … حياضك يومًا صادرًا بالنوافل

وأرجع مجذوذ الرجاء مصرّدًا (٣) … بتخليةٍ عن ورد تلك المناهل


(١) الطبري: التاريخ ٧/ ٢٠٩.
(٢) الطبري: التاريخ ٧/ ٢١٥. والبيتين الأخيرين منها ذكرهما البلاذري في الأنساب ٩/ ١٣٨.
(٣) مصرد: أي مصيب. ابن منظور: لسان العرب ٣/ ٢٤٩.

<<  <   >  >>