للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحسن البصري (١) حيث قال: «استقبل واللّه الحسن بن عليٍّ معاوية بكتائب أمثال الجبال، فقال عمرو بن العاص: إنّي لأرى كتائب لا تولّي حتّى تقتل أقرانها، فقال له معاوية وكان واللّه خير الرّجلين: أي عمرو، إنْ قَتَلَ هَؤلاءِ هؤلاءِ، وهؤلاء هؤلاء مَنْ لِي بأمور النّاس؟ مَنْ لي بنسائهم؟ مَنْ لي بضيعتهم؟ فبعث إليه رجلين من قريشٍ من بني عبد شمسٍ: عبد الرّحمن بن سمرة (٢)، وعبد الله بن عامر بن كريزٍ، فقال: اذهبا إلى هذا الرّجل، فاعرضا عليه، وقولا له: واطلبا إليه، فأتياه، فدخلا عليه وتكلّما، وقالا له: فطلبا إليه، فقال لهما الحسن بن عليٍّ: إنَّا بنو عبد المطّلب، قد أصبنا من هذا المال، وإنّ هذه الأمّة قد عاثت في دمائها، قالا: فإنّه يعرض عليك كذا وكذا، ويطلب إليك ويسألك قال: فَمَنْ لي بهذا، قالا: نحن لك به، فما سألهما شيئًا إلّا قالا: نحن لك به، فصالحه» (٣).

قال ابن بطال في شرحه لهذا الحديث: «قال المهلب (٤): قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إن ابني هذا سيد» يدل أن السيادة إنما يستحقها من انتفع به الناس؛ لأنه علَّق السيادة بالإصلاح بين الناس ونفعهم، هذا معنى السيادة. وقوله: (إنْ قَتَلَ هؤلاء هؤلاء) يدل على نظر معاوية في العواقب ورغبته في صرف الحرب. وقوله:


(١) الحسن بن أبي يسار، أبو سعيد البصري، مولى زيد بن ثابت -رضي الله عنه-، وأمه مولاة أم سلمة -رضي الله عنها- أم المؤمنين، ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر -رضي الله عنه-، شهد يوم الدار وعمره أربعة عشرة سنة، كان سيد أهل زمانه علمًا وعملًا، روى عن جملة من الصحابة، توفي سنة ١١٠ هـ. الذهبي: السير ٤/ ٥٦٣.
(٢) عبد الرحمن بن سمرة: عبدالرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي العبشمي، يكنى أبا سعيد، أسلم يوم فتح مكة. وصحب النبي -صلى الله عليه وسلم-. الاستيعاب لابن عبد البر ٢/ ٨٣٥.
(٣) الصحيح ٢/ ١٨٦.
(٤) المهلب بن أحمد بن أبي صفرة بن أسيد بن عبد الله الأسدي، الأندلسي، أحد الأئمة، له مصنف شرح صحيح البخاري ت ٤٣٥ هـ. الذهبي: السير ١٧/ ٥٧٩.

<<  <   >  >>