للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والخلاصة في ذلك أن معاوية -رضي الله عنه- أقدم على قتل حجر ومن معه؛ لأنه رأى في تركهم إفسادًا لغيرهم، وفي قتلهم قطع للفتنة.

يقول ابن العربي: (قد علمنا قتل حجر كلنا، واختلفنا: فقائل يقول: قَتَلَهُ ظلمًا، وقائل يقول: قَتَلَهُ حقًّا، فإن قيل: الأصل قتله ظلمًا إلا إذا ثبت عليه ما يوجب قتله. قلنا: الأصل أن قتل الإمام بالحق، فمن ادعى أنه بالظلم فعليه الدليل، ولو كان ظلمًا محضًا لما بقي بيت إلا لعن فيه معاوية، وهذه مدينة السلام دار خلافة بني العباس- وبينهم وبين بني أمية ما لا يخفى على الناس- مكتوب على أبواب مساجدها: خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، ثم معاوية خال المؤمنين -رضي الله عنهم-؛ ولكن حجرًا - فيما يقال - رأى من زياد أمورًا منكرة فحصبه، وخلعه، وأراد أن يقيم الخلق للفتنة، فجعله معاوية ممن سعى في الأرض فسادًا) (١).

[٢٤]- (ولما قتل حجر بن عدي وأصحابه استفظع أهل الكوفة ذلك استفظاعًا شديدًا.

وكان حجر من عظماء أصحاب علي، وقد كان علي أراد أن يوليه رياسة كِندَةَ، ويعزل الأشعث بن قيس (٢)، وكلاهما من ولد الحارث بن عمرو آكل المرار (٣)، ....................................................................


(١) العواصم والقواصم ٢١١.
(٢) الأشعث بن قيس بن معدي يكرب بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين الكندي، أبو محمد، وفد على الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأسلم، ثم ارتد، وأسلم مرة أخرى حيث وفد على الصديق -رضي الله عنه-، ومن عليه وزوجه أخته، توفي بعد صلح الحسن -رضي الله عنه-. ابن سعد: الطبقات ٦/ ٢٢، ابن حجر: الإصابة ١/ ٢٣٩.
(٣) والصحيح أن آكل المرار هو (حجر) وليس (الحارث) بن عمرو بن معاوية الأكرمين، والد امرئ القيس الشاعر، سمي بذلك لأن ابن الهبولة السليحي أغار عليه وأخذ امرأته هند بنت ظالم، فقال لها: كيف ترين الآن حجر؟ فقالت: (أراه والله حثيث الطلب، شديد الكلب، كأنه بعير آكل المرار) والمرار نبت حار يأكله البعير فتقلص منه شفته، وكان حجر أفوه خارج الأسنان فشبهته به، فسمي آكل المرار. السمعاني: الأنساب ١٢/ ١٧٠.

<<  <   >  >>