للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأصبحت فيهم قصيراً كمن ... يقيس الرديني بالمردن

فعذراً لمظهرٍ سوقه ... يروم معارضة الصيدني

وكتب معها بعد الصدور, وبعد: فإنه لما دعا لهذه الإجابة أكرم داعٍ, وجب الفعل بالإتباع. فكم آلى (علي) أن أبرز في منصة العجز سعالتي, وأطرز من العذر ما أحتمل به على علالتي. فلعل هذا المكلف قصد أن يجمع إلى الخز المشوب, أو أظنه طلب أن ينظم إلى الدر المخشوب فلو لم يأخذ القوس إلا الباري, ولا دخل الحلبة إلا السابق المباري, لما علم الأرفع من الأنزل, والرامح من الأعزل, ولرميت أدواء الجهل بالتعطيل, وعريت أفعل عن صفة التفضيل. لكن اقتضت الحكمة أن يباين الند نده, ويلاين الشيء ضده, حتى يعرف العذب بالأجاج, ويشرف الدر بمقايسه الزجاج. ولما علمت أني إذا امتثلت, ونثرت كنانتي ونثلت فإنما أكون من بين سبق الجواد بعيره , وزين بهدره بلاغة غيره, فأحبت, بعد أن تسترت من الحياء واحتجبت, فكتب والقلم عاثر, والعجز لما أروم نظمه من الكلام ناثر. وبعد أن وقفت على هذا الاستدعاء الذي طلعت من المطالع العراقية شمسه, وحسر اليوم بهذه البلاد الغريبة عليه أمسه, وكسا هذا الأفق من حال التشريف والتنويه, ما لم يكن يحتسبه ولا ينويه, وتأهل لأن يحمل من أهله العلم حيث قطبه الذي عليه مداره, ويروي عنه بالمكان (الذي) هو محله وداره. فيا عجباً للبحار كيف استمدت أوشالها, واستعدت لطلب المكاتبة. وقد كان يجب أن تقصد ويمشى لها فيا نفحات مسكية, ولمحات نيرة ذكية, أوجبت للإجابة حقاً, وصيرت كل سامح مسترقاً ومستحقاً وهي طويلة.

كتب معزياً: مثل سيدي أجزل الله أجره, وأطلع في ليل مصابه فجره, في

<<  <   >  >>