لي رجل فيقول ارفع رأسك هذا رسول الله إلي على البحر من جهة القبلة فكنت أمشي إليه ألقاه وأسلم عليه فلما فرغت من السلام قال لي يا محمد أنا أعينك على تعبئة ما أردته من هذه فخذ في ذلك فكان يسوي بيديه الكريمتين وطاءها ثم أجمع إليه وأقرب بين يديه من تلك الحيتان وهو يسويها ويجعل ملحها صفا على صف حتى بلغ سبعة صفوف وهي كانت عدد أسفار المسودة إذا تمت ثم ضم عليها صيانتها وزمها ثم قال لي هذا مرادك منها قد تم. ثم استيقظت وتماديت على التأليف فلعمري لقد كان هذا التأليف أسهل علي من كل أمر حاولته جعله الله لوجهه وذكره بن بشكوال فقال روى عن أبي عبد الله بن عتاب والقاضي محمد بن شماخ والقاضي أبي الوليد الباجي وغيرهم وكان معتنيا بالعلم والسماع من الشيوخ ومن أهل المعرفة والذكاء والفهم واستقضي ببلده وسمع الناس منه كثيرا من روايته وكان رحمه الله من أهل الأدب البارع مع علمه وفضله ومن شعره رحمه الله:[بسيط]
ولى زمان وكان الناس تشبهه ... فالآن فوضى فلا دهر ولا ناس
أسافل قد علت لم تعل من كرم ... ومشرفات الأعالي منه أنكاس
ومن شعره أيضاً رحمه الله تعالى ورضي عنه:[طويل]
تقول سليمى إذا وفيت بعدها ... أشيب وفي وصل الأحبة منصف
وإن بياضا كان مني سواده ... مكان السويدا بالعلاء مصرف
فقلت أجل إن تعف أطلال وامق ... تراه له في ذلك الرسم موقف
وهل هو إلا قالص فوق ثوبه ... ولكنه القلب الذي كنت تعرف