مصره. استشرفت إلى خطبة الرائفة, وآدابه الفائقة متون المنابر, ونطقت ببراعة وجزالة خطباته ألسنة الأقلام وأفواه المحابر. وكان منذ نشأ بعين الجلالة منظوراً, وفي ديوان أشغال السادة مذكوراً. تفرد بتقييد العلم وتفرغ له, وحمله عن الرجال الجلة الكملة, وطار ذكره في الآفاق ورأى في دنياه (ما) أمله. وكان مع هذه المفاخر شاعراً مطبوعاً.
ومن شعره رحمه الله يمدح أمير المؤمنين عبد المومن بن علي: [كامل]
طاوع فطوع يمينك المقدور ... واسلم فأنت الناصر المنصور
واضرب بسيفك حيث شئت من العدى ... إن القضاء حسابك المسطور
وردت لكم بشرى النبي فصرحت ... أعجاز تصديق به وصدور
ومنها:
وأعدتم الدين الحنيف لبدءه ... فكأن خيركم له تصدير
سائل عن الأعراب معرفة الظبا ... يخبرك منها شاهد وخبير
ومنها:
جلبوا الجياد الجرد كي تحميهم ... فغدت بهم للحين وهي قبور
أهديتم سمر الرماح رسالة ... وأتاهم بالمرهفات نذير
فكأن هامهم غمود للظبا ... عند اللقاء وللسهام ضبير
ومنها:
كانوا بجنة طاعةٍ فغدت لهم ... من محرز التضييع وهي سعير
عاطاهم حبل الغرور فأصبحوا ... صرعى وسلك نظامهم منثور
وغدا وخطار القناة لهامه ... جسم وناشرة السنان سرير
فمقامه يذكي تباريح العدى ... وعنانه لمسيئهم تحذير