رمضان المعظم سنة خمس وعشرين وأربعمائة, في أيام زهير بن محمد العامري, حين موت خيران. وهو الصحيح. فأخرجه زهير في البحر سنة ست وعشرين. وبويع له بقرطبة خوفا من يحيى بن علي أن لا يرجع إليهم. فبايعوا هشاما الدعي على أن خلعوه بالجامع. هكذا ذكره ابن حمادة في تاريخه, وصححه.
قلت: وهشام هذا اضطربت أقوال المؤرخين فيه, والصحيح عندي أنه الدعي على ما يتبين بعد هذا إن شار الله تعالى. وأما ابن أبي الفياض فإنما صحح أنه المؤيد أمير المؤمنين هشام لأنه قال في ترجمته في كتابه: ذكر خلافة المؤيد بالله هشام بإشبيلية بالدولة الثانية. فهذا يدل على أنه ليس عنده هو الدعي. وقال: بويع بقرطبة بعد أن وصلت كتبه إليها, وأخذت له البيعة فيها, وصحح أنه كان بالمشرق. وقال في كتابه: وبقي هشام بقلعة رباح, وخرج عنها إلى إشبيلية. وأجمع بنو عباد مع القاضي محمد بن إسماعيل على القيام به والإحياء لدولته. فهذا يدل على تصحيحه أنه المؤيد هشام, وليس بالدعي.
وقد صحح ابن حمادة وغيره من المؤرخين أنه هشام الدعي وأنه هو الذي بايعه ابن عباد وقد ذكر ابن حيان أن سليمان ن الحكم قتل المؤيد أمير المؤمنين, فلا يصح أن يكون الذي قام هـ ابن عباد إلا هشام ادعي.
وعلى قول المظفري إن خيران هو الذي أخرجه, لا يصح أيضاً أن يكون المؤيد, لأن خيران كان أحب الناس في المؤيد بالله, وأرغبهم في دولته والقيام بأمره. وعلي ذلك خالف على ابن حمود, وكان بينهما ما ذكره أهل التاريخ, إذ لم يجد خيران المؤيد في القصر, وكان كثيرا ما يسأل عنه, وعقد الولاية لعلي بن حمود على طاعة المؤيد. وكان يدعو بعد فقده في المنابر باسمه على ما ذكر هشام في تاريخه وغيره. فكيف كان يجده ويخرجه عنه, مع طلبه له, وحبه فيه وفي دولته. فإنما صح عنده, أنه الدعي.