إذا ذكرت فأنفاس مصعدة ... كأن ذاكرك الملهوف مهجور
من المؤمل, أنما ذو الدنى فله ... شغل وذو الدين في دنياه مقهور
وكنت في ذين مضاء العزائم قد ... أصاب كل عسير منك تيسير
ما كنت كالناس لكن إن يقل بشر ... ففضة قد حكاها اللون قزدير
لو كان صفوك للماء القراح لما ... بدا بصفيحة للوراد تكدير
أو كان عندك للسيف الحسام لما ... بدا به من قراع الهند تأثير
أو كان جودك في زهر الرياض لما ... حمى جنى الورد من شوك سنانير
بنى لك الله بين الخلق منزلة ... لها العلاء أساس والتقى سور
يا مخلصا وضع الله القبول له ... حتى استوى منه منهي ومأمور
لو بعض حبك بين الخلق كلهم ... مقسم لم يكن في الناس مهجور
ما زلت تحسن حتى في الممات فقد ... أصبحت والكل منا فيك مأجور
أقمت بالعدوة القصوى وأنفسنا ... لها من الذعر تسبيح وتكبير
حليف حصرين إما من سيوف عدى ... محصر, ومن الأمراض محصور
وكل ذلك إن حققته عرض ... قد انقضى, وهو عند الله مذخور
جرت ودائرة الأفلاك تحسرها ... في اليم تحملك الفلك المواخير
ومن لها بك بدر لو تسير به ... لم يعقب الشمس في الأفلاك ديجور
لو يعلم الفلك ما يحويه من كرم ... لم تستطع سيرة الفتخ الكواسير
سلت عليك ضلوع منه فانتفضت ... حزنا, وفارق جنبيه الدساتير
وقد بدا منه إشعار, فمن وله ... أنينه وهو عند الله تصوير
وكنت مجتمع البحرين فاجتمعت ... ثلاثة هي في الأرض المشاهير
فاثنان ماؤهما ملح لشاربه ... وثالث منه ماء المزن معصور
عذب يفيض على العافي عوارفه ... درا, وكل نوال البحر منزور