إني أظنهما جارا به حسدا ... وكل ذي حسد مدحور
كأن زورقه الجاري بصفحته ... جفن قد استل من إنسانه النور
لما انحدرت إلى شط المجاز وقد ... تقدمتك التهامي والتباشير
وهبت الريح طيبا عندما فصلت ... به الركائب في البيداء والعير
فطار فينا سرور لو يخوض بنا ... في لجة البحر أضحى وهو معبور
فمن مقيم, إلى لقياك مرتقب ... ومدلجين لهم جد وتشهير
فبينما نحن في أنس وفي فرح ... والكل منا بقرب الدار مسرور
وافى المصاب بباك وهو مبتسم ... وهائم منه في الضدين تفكير
يبكي ويضحك لا عقل ينبهه ... كما تحرق دون القصد مخدور
يا واصلا لم يصل والناس قد وصلوا ... كأنما هو طيف, زار, مذعور
أستودع الله منك القبر أي فتى ... على الفضائل والآداب مفطور
مبارك لو ينيل الترب سائله ... لعاد تبرأ تساويه الدنانير
له من الجن تسخير يخلصه ... ومن تناوله الميمون إكسير
حسيب ريه من قوم لهم شرف ... تزهى الدواوين منه والدفاتير
سيوفهم فتحتها وهي مغلقة ... حتى اشتفى الدين منها وهو موتور
قيس وما القيس إلا سادة نجب ... تزهى القبائل منهم والعشائير
توارثوا المجد من جد إلى ولد ... يأتي أكابر إن مرت أكابير
حتى أتيت أبا بكر قد اجتمعت ... لك الفضائل منهم والمآثير
فرد تفتق عنه كل مكرمة ... كما تفتق في الروض الأزاهير
يبكيك كل طريد الدار منتزح ... عن الأقارب أعيته المعاذير
قد كان منك إلى ظل ومستند ... يأوي, ويعقبه, المعسور, ميسور
يبكيك طالب حاجات معذرة ... له لبابك إدلاج وتهجير