ثم رغبت بعدها في أداء العمرة وتحقّق لها ذلك سنة ١٩٨٢م، (١٤٠٢هـ) وذلك بعد عودتها من باريس - مدينة الأزياء الراقية - حيث اشترت الكثير منها، وعند وصولها إلى حرم المسجد النبوي الشريف بدأت الغشاوة تنحسر عن قلبها فعكفت، على كتاب الله تتلوه آناء الليل وأطراف النهار أملاً في إنهاء ختمة في الحرمين الشريفين، لكنها كانت تقرأ بلا فهم وكأن أحداً يمنعها منه. سألتها مرافقات لها هل ستتحجبين؟ فردّت: لا أعرف وهذا يعود لزوجي.
لم يتبدّد الظلام بعد ولكن نهايته كانت قد أوشكت.
وتؤدي شمس العمرة عن أختها المتوفاة رحمها الله تعالى، وبعد أداء العمرة لم تنم تلك الليلة، وشعرت بضيق رهيب في صدرها، وكأنما روحها تصَّعَّد في السماء من ثقل الخطايا والأوزار التي كادت أن تخنقها. إن مباهج الدنيا التي تمتعت بها، صارت سلاسل تطوّق قلبها، إنها إرهاصات نهاية تلك الرحلة المظلمة: رحلة البعد عن الله.
دموع التوبة:
طلبت شمس من والدها أن يصحبها إلى الحرم: مأوى الأفئدة الباحثة عن الهدى، وبدأت الطواف وقبّلت الحجر الأسود حجر الجنة ولسانها يلهج بالدعاء ... اللهم قوِّ إيماني وثبتني على الحق، وتنهمر دموعها نديّة صادقة من عيون تتطلع إلى رحمة الرحمن، وتبكي وتبكي بصمت دون انقطاع فهي لحظة وداع للغفلة ولقاء مع الهدى.
وتقرأ الفاتحة في صلاتها خلف مقام إبراهيم عليه السلام، وكأنها تقرؤها أول مرّة، وقد شعرت بجلالها: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ