فقال له يحيى بن أكثم: أتنصف يا أبا محمد؟ فقال: إن شاء الله، فقال: والله لشقاء من جالس الصحابة بك أشد من شقائك بنا، فأطرق وقال: هذا الغلام يصلح لصحبة هؤلاء يعني السُّلطان. فوقع الأمر كما توسمه شيخ السنة سفيان بن عيينة [٨٨ - ب] لم يزل به الأمر حتى جالس المأمون لحسن فهمه وكثرة علمه وغزارة رأيه وحسن نظره فولاه القضاء، هذا كله مع تمسك يحيى بالسنة والطريقة المستقيمة.
قال الفضل بن محمد الشعراني: سمعت يحيى بن أكثم يقول: القرآن كلام الله فمن قال مخلوق يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه.
قال يحيى بن أكثم: لقد كنت قاضياً وأميراً ووزيراً وقاضياً على القضاة، ما ولج سمعي أحلى من قول المستملي: مَنْ ذَكَرْت رضي الله عنك.
وقال أيضاً: كان لي صديق يكتب إلي، وأكتب إليه، فما كتب إلي كتاباً إلا انتفعت به، فكتب إلي مرةً فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، يا يحيى اعتبر بما ترى، واتعظ بما تسمع، قبل أن تصير عبرةً للناظرين، وعظة للسامعين.
وقال أيضاً: من خالط الناس داراهم، ومن داراهم راياهم.
وقال محمد بن إسحاق الثقفي السراج: مات يحيى بن أكثم بالرَّبَذَة منصرفاً من الحج يوم الجمعة لخمس عشرة خلت من ذي الحجة سنة ثنتين وأربعين ومائتين.