للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخلّف عندها اثني عشر عدلا محزوما من الكتب، فلما خرج الخطيب إلى الشام حصّل من كتبه ما صنف منها كتبه. قال: وكان سبب وفاة الصوري أنه افتصد، وكان الطبيب الذي فصده قد أعطي مبضعا مسموما ليفصد به غيره، فغلط ففصده فقتله. قال ابن الجوزي [١] عند سماع هذه الحكاية: وقد يضع الانسان طريقا فتسلك، وما قصّر الخطيب على كلّ حال. وكان حريصا على علم الحديث، كان يمشي في الطريق وفي يده جزء يطالعه، وكان حسن القراءة فصيح اللهجة عارفا بالأدب، يقول الشعر الحسن. قال ابن الجوزي [٢] : ونقلت من خطه من شعره قوله:

لعمرك ما شجاني رسم دار ... وقفت بها ولا ذكر المغاني

ولا أثر الخيام أراق دمعي ... لأجل تذكري عهد الغواني

ولا ملك الهوى يرما قيادي ... ولا عاصيته فثنى عناني

رأيت فعاله بذوي التصابي ... وما يلقون من ذلّ الهوان

فلم أطمعه فيّ وكم قتيل ... له في الناس لا يحصى وعان

طلبت أخا صحيح الودّ محضا ... سليم الغيب مأمون اللسان

فلم أعرف من الإخوان إلا ... نفاقا في التباعد والتداني

وعالم دهرنا لا خير فيه ... ترى صورا تروق بلا معاني

ووصف جميعهم هذا فما إن ... أقول سوى فلان أو فلان

ولما لم أجد حرّا يؤاتي ... على ما ناب من صرف الزمان

صبرت تكرما لفراغ دهري ... ولم أجزع لما منه دهاني

ولم أك في الشدائد مستكينا ... أقول لها ألا كفّي كفاني

ولكني صليب العود عود ... ربيط الجأش مجتمع الجنان

أبيّ النفس لا أختار رزقا ... يجيء بغير سيفي أو سناني


[١] المنتظم ٨: ٢٦٦- ٢٦٧.
[٢] المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>