للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعزّ في لظى باغيه يشوى ... ألذّ من المذلة في الجنان

ومن طلب المعالي وابتغاها ... أدار لها رحى الحرب العوان

ومن شعره أيضا [١] :

لا تغبطنّ أخا الدنيا لزخرفها ... ولا للذة وقت عجّلت فرحا

فالدهر أسرع شيء في تقلّبه ... وفعله بيّن للخلق قد وضحا

كم شارب عسلا فيه منيّته ... وكم تقلّد سيفا من به ذبحا

قال أبو الفرج ابن الجوزي [٢] : وكان الخطيب قديما على مذهب أحمد بن حنبل، فمال عليه أصحابنا لما رأوا من ميله إلى المبتدعة وآذوه، فانتقل إلى مذهب الشافعي وتعصّب في تصانيفه عليهم، فرمز إلى ذمّهم وصرّح بقدر ما أمكنه، فقال في ترجمة أحمد بن حنبل: سيّد المحدّثين، وفي ترجمة الشافعي تاج الفقهاء فلم يذكر أحمد بالفقه. وقال [٣] في ترجمة حسين الكرابيسي انه قال عن أحمد: أيش نعمل بهذا الصبي، إن قلنا لفظنا بالقرآن مخلوق قال بدعة، وان قلنا غير مخلوق قال بدعة، ثم التفت إلى أصحاب أحمد فقدح فيهم بما أمكن. وله دسائس في ذمهم عجيبة، وذكر شيئا مما زعم أبو الفرج أنه قدح في الحنابلة وتأول له، ثم قال: أنبأنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي عن أبيه قال سمعت إسماعيل بن أبي الفضل القومسي، وكان من أهل المعرفة بالحديث يقول: ثلاثة من الحفاظ لا أحبّهم لشدة تعصبهم وقلة إنصافهم: الحاكم أبو عبد الله، وأبو نعيم الأصبهاني، وأبو بكر الخطيب. قال أبو الفرج: وصدق إسماعيل، وكان من أهل المعرفة [٤] فإن الحاكم كان متشيعا ظاهر التشيّع، والآخران كانا يتعصبان للمتكلمين والأشاعرة. قال: وما يليق هذا بأصحاب الحديث، لأن الحديث جاء في ذمّ الكلام، وقد أكدّ الشافعيّ في هذا حتى قال: رأيي في أصحاب الكلام أن يحملوا على البغال ويطاف بهم. قال:


[١] تهذيب ابن عساكر ١: ٤٠١.
[٢] المنتظم ٨: ٢٦٧- ٢٦٨.
[٣] المنتظم ٨: ٢٦٩.
[٤] المنتظم، وقد كان من كبار الحفاظ ثقة صدوقا له معرفة حسنة بالرجال ...

<<  <  ج: ص:  >  >>