له على ذلك مرارا من غير تصوّر حتى أضجره ومن حدّ الحلم أخرجه، فقال له: أيها الرجل يلزمني أن أبين للناس وأصوّر لمن ليس بناعس، وما عليّ أن أفهم البهم والشقر والدّهم؟! مثلك لا يتصور هذه المسألة بهذه العبارة وهذه الأمثلة، فإن أرحتنا ونفسك فذاك، وإلا فقد حصلنا معك على الهلاك، قم إلى مجلس آخر ووقت غير هذا، فأسمعه الرجل ما ساء الجماعة وعاد بالوهن والغضاضة، ووثب الناس إليه لضربه وسحبه فمنعهم من ذلك أشدّ منع بعد قيامه من صدر مجلسه ودفع الناس عنه، وأخرج صاغرا ذليلا مهينا، والتفت إلى أبي الحسن الدقاق وقال له: متى رأيت مثل هذا فلا يكوننّ منك إلا التؤدة والاحتمال، وإلا فتصير نظيرا لخصمك وتعدم في الوسط فضل التمييز، وأنشأ يقول «١» :
ولولا أن يقال هجا نميرا ... ولم نسمع لشاعرها جوابا
رغبنا عن هجاء بني كليب ... وكيف يشاتم الناس الكلابا.
[[٧٩٥] علي بن عيسى بن الفرج بن صالح الربعي]
الزهيري أبو الحسن النحوي:
أحد أئمة النحويين وحذّاقهم الجيدي النظر الدقيقي الفهم والقياس، أخذ عن أبي سعيد السيرافي، وهاجر إلى شيراز فأخذ عن أبي علي الفارسي ولازمه عشرين سنة، فقال له أبو علي «٢» : ما بقي شيء تحتاج إليه ولو سرت من الشرق إلى الغرب لم تجد أعرف منك بالنحو، ثم رجع إلى بغداد فأقام بها إلى أن مات سنة عشرين وأربعمائة عن نيف وتسعين سنة.
[٧٩٥]- ترجمة الربعي في تاريخ بغداد ١٢: ١٧ والمنتظم ٨: ٤٦ ونزهة الألباء: ٢٣٣ وإنباه الرواة ٢: ٢٩٧ وابن خلكان ٣: ٣٣٦ وسير الذهبي ١٧: ٣٩٢ وعبر الذهبي ٣: ١٣٨ والنجوم الزاهرة ٤: ٢٧١ وبغية الوعاة ٢: ١٨١ (عن ياقوت) والشذرات ٣: ٢١٦ وإشارة التعيين: ٢٢٣. ومن كتبه المطبوعة نظام الغريب.