للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حسن الأداء وطيب الحنجرة، فقيل له: لو كان كلامك كله شعرا أو كقراءة القرآن تخلّصت من هذه الشدة، فقال: يكون ذلك طنزا. قال: وكان أحد خلفائه قد خرج إلى بعض الأعمال واستخلف بحضرته ابنا له كان مثل المافروخي في التمتمة، فخاطبه المافروخي أول ما دخل إليه في أمر شيء قال فيه ووو مرارا، فأجابه ذلك الابن بمثل كلامه، فقال: يا غلمان، قفاه، كأنه يحكيني، فصفع صفعا محكما حتى حضره أقوام وحلفوا له أن ذلك عادته، فأخذ يعتذر إليه، قال: الذنب لأبيه لما ترك في حضرتي مثله. فهذا خبر المافروخي لتعرفه.

- ٥٢-

[أحمد بن إبراهيم الأديبي]

الخوارزمي أبو سعيد: من مشاهير فضلاء خوارزم وأدبائها وشعرائها، قال أبو محمد في «تاريخ خوارزم» : ذكره أبو الفضل الصفّاري في كتابه، قرأت بخطه أنه كان كاتبا بارعا حسن التصرّف في الترسّل، وافر الحظ من حسن الكتابة وفصاحة البلاغة، وكان خطه في الدرجة العليا من أقسام الحسن والجودة. فمن كلامه: الزيادة فوق الحدّ نقصان، والإساءة بلسان الحق إحسان.

قال: وكان إذا رأى كتابة متعقدة متكلفة قال: الكتابة تسكن سكة أخرى.

وكتب إلى بعض الرؤساء في شكاية رجل ثقيل: قد منيت من هذا الكهل الرازيّ صاحب الجبة الكهباء، واللحية الشهباء، بالداهية الدهياء، والصيلم الصماء، جعل لسانه سنانه، وأشفار عينيه الصلبة شفاره، فإذا تكلم كلم بلسانه أكثر مما يكلم بسنانه، وإذا لمح ببصره جرح القلوب بلحظه أشدّ مما جرح الآذان بلفظه، يظهر للناس في زي مظلوم وإنه لظالم، ويشكو إليهم وجع السليم وإنه لسالم.

وكتب إلى بعض الرؤساء وقد حجب عنه:

ومحجّب بحجاب عزّ شامخ ... وشعاع نور جبينه لا يحجب

حاولته فرأيت بدرا طالعا ... والبدر يبعد بالشعاع ويقرب


[٥٢]- ترجمة الأديبي في الوافي ٦: ٢٠٧ (عن ياقوت) .

<<  <  ج: ص:  >  >>