ما رجّاه خادمه وتمنّاه أن يسلم على بلايا أحدقت به، ومنايا حدّقت إليه، وأجل نازل أمله، وسيف صقيل تلمّظ له، وحين كفاه مولانا من ذلك ما كفاه آخذا بيديه، وباسطا جناح رحمته عليه، طالبته نفسه بتوقيعه العالي، ليتوقّى به وقائع الليالي، فتصدق أدام الله تمكينه عليه بتوقيعين في مدة أسبوعين، وأنقذاه مغمورا، وأنشراه مقبورا، وقد أبطرته الآن النعمة، ونزت به البطنة، وأطمعته في توقيع ثالث فطمع وأصدر كتابه هذا وانتظر، فإن رأى مولانا أن يحقّق رجاءه، ويستغنم دعاءه، ودعاء من وراءه، فعل إن شاء الله عز وجل.
فوقّع الصاحب على ظهرها: سيدي أبو القاسم أيده الله قدّم حرمة وأتبع عثرة وأظهر إنابة فاستحقّ إقالة فعاد حقّه طريّا كأن لم يخلق، وظنّه قويا كأن لم يخفق، ولو حضر لأظهرت ميسم الرضى عليه، بما أصرفه من مزيد البسطة إليه، وإذ قد غبت فأنت لي يد حقّ ولسان صدق، فنب في ذلك منابا يمحو آثار السّخط حتى كأن لم تشهد، ويرحض أخبار العتب كأن لم تعهد؛ هذا وأحسب توقيعي كافيا فيما أمّله، ومغنيا فيما أناله أمله، إن شاء الله عزّ وجل.
[[٧٣٨] علي بن الحسن القهستاني، أبو بكر العميد:]
أحد من أشرقت بنور الآداب شمسه، وتقدم- وإن تأخر زمانه- بالفضل يومه وأمسه، وسما بفضل أدبه كلّ أفاضل جنسه، مشهور في أهل خراسان مذكور معروف بينهم لا يجهل قدره، ولا يطمس بدره. وكان قد اتصل في أيام السلطان محمود بن سبكتكين بولده محمد بن محمود «١» في أيام أبيه لما قلده الخوزستان «٢» ، وكان يميل إلى علوم الأوائل ويدمن النظر
[٧٣٨]- علي بن الحسن القهستاني: التقى به الباخرزي سنة ٤٣٥ وهو على أشراف خراسان ومدحه (انظر الدمية ٢: ٧٧٨- ٧٩١) .