إلى الحسن ابنه ليتولّى تسليمه إلى ابن راشد، فنحن نتحدث إذ دخل ابن الرومي مع الخادم علينا، فلما تخطا عتبة باب الصحن عثر فانقطع شسع نعله فأخذها بيده ودخل مذعورا، فقلت له: أيكون شيء يا أبا الحسن أحسن من خروجك من منزلك على وجه خادمي؟ فقال: قد لحقني ما رأيت من العثرة لأني أفكرت أنّ به عاهة، قلت: وما هي؟ قال: هو مجبوب، فقال برذعة الموسوس: وشيخنا يتطير؟ قلت: نعم ويفرط، قال: ومن هو؟ قلت: هذا علي بن الرومي الكاتب، قال: الشاعر؟
قلت: نعم، فأقبل عليه فقال:
ولما رأيت الدهر يؤذن صرفه ... بتفريق ما بيني وبين الحبائب
رجعت إلى نفسي فوطّنتها على ... ركوب جميل الصبر عند النوائب
ومن صحب الدنيا على جور حكمها ... فأيامه محفوفة بالمصائب
فخذ خلسة من كلّ يوم تعيشه ... وكن حذرا من كامنات العواقب
ودع عنك ذكر الفأل والزجر واطّرح ... تطيّر جار أو تفاؤل صاحب
فرأيت ابن الرومي شبيها بالباهت، ولم أدر أنه قد شغل قلبه بحفظ الأبيات، ثم نهض برذعة وأبو خديجة معه فقال له ابن الرومي: والله لا تطيرت بعد هذا، فأقام عندي وكتبت هذه الأبيات من حفظه وزالت عنه الطيرة.
[٧٧٥] علي بن عبد الله بن موهب الجذاميّ أبو الحسن:
له تأليف عظيم في تفسير القرآن، روى عن ابن عبد البرّ وغيره، مات في جمادى الأولى سادس عشره سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة ومولده سنة إحدى وأربعين وأربعمائة.
[٧٧٥]- هو من أهل المرية روى عن العذري وأبي بكر ابن صاحب الأحباس، وأجاز له أبو الوليد الباجي ما رواه (انظر الصلة: ٤٠٥ وطبقات المفسرين للسيوطي: ٢٤) .