يكنى أبا الحسن، قال ابن عبد الرحيم: هو شيخ من أهل الأدب شاهدناه ببغداد راوية للأخبار وحافظا لقطعة كبيرة من اللغة والأشعار قؤوما بالنحو، وكان ممن خدم أبا عليّ الفارسي في داره وهو صبي، ثم لازمه وقرأ عليه- على زعمه- جميع كتبه وسماعاته، وكانت معيشته من التعليم بالشام ومصر، وكان يحكي أنه كان مؤدبا لأبي القاسم المغربي الذي وزر ببغداد لقاه الله سيّء أفعاله كذا قال، وله فيه هجو كثير، وكان يذمّه ويعدّد معايبه. وشعره يجري مجرى شعر المعلمين قليل الحلاوة خاليا من الطلاوة، وكان آخر عهدي به بتكريت في سنة إحدى وعشرين وأربعمائة «٢» فإنا كنا مقيمين بها واجتاز بنا وأقام عندنا مدة، ثم توجه إلى الموصل وبلغتني وفاته من بعد، وكان يذكر أن مولده بحلب سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة ولم يتزوج ولا أعقب، وجميع ما أورده من شعره مما أنشدنيه لنفسه، فمنه في الشمعة:
لقد أشبهتني شمعة في صبابتي ... وفي طول ما ألقى وما أتوقّع
نحول وحرق في فناء ووحدة ... وتسهيد عين واصفرار وأدمع
ومنه في هجو المغربي:
لقبت بالكامل سترا على ... نقصك كالباني على الخصّ
فصرت كالكنف إذا شيدت ... بيّض أعلاهنّ بالجص
يا عرّة الدنيا بلا غرّة ... ويا طويس الشؤم والحرص
قتلت أهليك وأنهبت بي ... ت الله بالموصل تستعصي
(٨٤١) - ترجمة ابن القارح في الوافي ٢٢: ٢٣٣ وبغية الوعاة ٢: ٢٠٧ ورسالته الى أبي العلاء التي أثارت «رسالة الغفران» منشورة قبل هذه الثانية (تحقيق الدكتورة بنت الشاطىء/ ١٩٥٠) ص ١٧- ٦٤؛ وانظر بغية الطلب لابن العديم ٥: ١٨- ١٩، ٩: ١٣٩.