للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا نحن كلمناهما فجوابنا ... بدواندرون دائم وهزين

متى تلق ذا أو تلق ذاك لحادث ... تلاق مهينا لا يكاد يبين

ومعنى بدو اندرون «اعد إلى داخل» ومعنى هزين «الفرار» .

وللطاهري فيهما:

إنّ الأمور إذا أضحت يدبّرها ... طفل رضيع وسكران ومجنون

لمخبرات بأن لن يستقيم بها ... لمن توسّطها دنيا ولا دين

[٩٦٤]

[محمد بن أحمد أبو الندى الغندجاني اللغوي:]

رجل واسع العلم راجح المعرفة باللغة وأخبار العرب وأشعارها، وما عرفت له شيخا ينسب إليه ولا تلميذا يعوّل عليه غير الحسن بن أحمد الأعرابي المعروف بالأسود صاحب التصانيف المشهورة التي تصدّى فيها للأخذ على أعيان العلماء، فإن روايته في كتبه كلّها عن أبي الندى هذا.

وأنا أرى أنّ هذا الرجل خرج إلى البادية واقتبس علومه من العرب الذين يسكنون الخيم، وقد وقع لي شيء من خبره في ذلك أنا أورده هاهنا ليستدل به على ما ذهبت إليه كما استدللت أنا به.

وجدت بخط صديقنا كمال الدين أبي القاسم عمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة الحلبي الفقيه المدرس الكاتب الأديب ما أسنده إلى ليث الطويل قال: سألت أبا الندى، وكان من أعلم من شاهدت بأخبار العرب: هل تعرف من شعر الذلفاء بنت الأبيض في ابن عمها نجدة بن الأسود؟ قال: نعم، كنت فيمن حضر جنازة نجدة حتى وضعناه في قبره وأهلنا عليه التراب، وصدرنا عنه غير بعيد، فأقبلن نسوة يتهادين فيهنّ امرأة قد فاقتهنّ طولا، كالغصن الرطب، وإذا هي الذلفاء، فأقبلت حتى أكبّت على القبر وبكت بكاء محرقا وأظهرت من وجدها ما خفن معه على نفسها، فقلن لها:

يا ذلفاء إنه قد مات السادات من قومك قبل نجدة، فهل رأيت نساءهم قتلن أنفسهنّ


(٩٦٤) - ترجم له القفطي في إنباه الرواة ٤: ١٨١ وانظر بغية الوعاة ١: ٥٢ ومعجم البلدان (غند جان) وهي بفتح الغين، من كور الأهواز؛ وانظر ترجمة الحسن بن أحمد الأعرابي شيخ أبي الندي في ما تقدم رقم: ٣٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>