للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٨٧٨]

[عوف بن محلم الخزاعي أبو المنهال:]

أحد العلماء الأدباء، والرواة الفهماء، والندامى الظرفاء، والشعراء الفصحاء. وكان صاحب أخبار ونوادر، وله معرفة بأيام الناس. وكان طاهر بن الحسين بن مصعب قد اختصه لمنادمته، واختاره لمسامرته، وكان لا يخرج في سفر إلا أخرجه معه، وجعله زميله وأنيسه وعديله، وكان يعجب به.

قال محمد بن داود: ويقال إن سبب اتصاله بطاهر أنه نادى على الجسر بهذه الأبيات في أيام الفتنة ببغداد، وطاهر ينحدر في حراقة في دجلة، فسمعها منه فأدخله وأنشده إياها وهي «١» :

عجبت لحرّاقة ابن الحسي ... ن كيف تعوم ولا تغرق

وبحران من تحتها واحد ... وآخر من فوقها مطبق

وأعجب من ذاك عيدانها ... وقد مسّها كيف لا تورق

وأصله من حران، فبقى مع طاهر ثلاثين سنة لا يفارقه، وكان يستأذنه في الانصراف إلى أهله ووطنه فلا يأذن له ولا يسمح به، فلما مات طاهر ظن أنه قد تخلص وأنه يلحق به ويرجع إلى وطنه، فقرّبه عبد الله بن طاهر من نفسه وأنزله منزلته من أبيه، وكان عبد الله أديبا فاضلا عالما بأخبار الناس، فلما وقف على أدب عوف وفضله تمسك به وأفضل عليه حتى كثر ماله وحسن حاله، وتلطف بجهده أن يأذن له عبد الله في العود إلى وطنه فلم يكن إلى ذلك سبيل، وحفزه الشوق إلى أهله وأهمه أمرهم، فاتفق ان خرج عبد الله من بغداد يريد خراسان، فصيّر عوفا عديله يستمتع


(٨٧٨) - ترجمة عوف بن محلم في طبقات ابن المعتز: ١٨٦- ١٩٣ وتاريخ بغداد ٩: ٤٨٦ (في ترجمة عبد الله بن طاهر) والوافي للصفدي (خ) ومعاهد التنصيص ١: ٢٧، ١٢٧ والشذرات ٢: ٣٢ ومعجم البلدان (الري) (ميان) وشرح شواهد المغني: ٢٧٨ والفوات ٣: ١٦٢ وذكر صاحب الفهرست (١٨٨) أن ديوانه ثلاثون ورقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>