للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[١١٢٨] محمد بن هانىء أبو القاسم الأزدي الأندلسي:]

من ولد روح بن حاتم بن قبيصة بن المهلب، أديب شاعر مفلق، أشعر المتقدمين والمتأخرين من المغاربة، وهو عندهم كالمتنبي عند أهل المشرق؛ ولد باشبيلية ونشأ بها، ونال حظا واسعا من علوم الأدب وفنونه، وبرز في الشعر فلم يباره في حلبته مبار ولم يشقّ غباره لا حق، وكان متهما بالفلسفة يسلك في أقواله وأشعاره مسلك المعري «١» ، وما زال يغلو في ذلك حتى تعدّى الحقّ وخرج في غلوه إلى ما لا وجه له في التأويل، فأزعجه أهل الأندلس واضطروه إلى الخروج من وطنه، وأشار عليه صاحب إشبيلية بذلك درءا للفتنة، فخرج متنقلا في البلاد ووصل الى عدوة المغرب فلقي بها جوهرا القائد مولى المنصور فمدحه، ثم رحل إلى الزاب واتصل بجعفر ابن الأندلسية وأخيه يحيى، فانتجع بابهما ولزم رحابهما فأكرما وفادته وأحسنا إليه، ثم بلغ خبره المعزّ أبا تميم فاستقدمه وأحسن نزله وبالغ في اكرامه. ولما رحل المعز إلى الديار المصرية استأذنه في الرجوع إلى عياله ليأتي بهم ويلحق به، فأذن له، فخرج قاصدا بلده، فلما بلغ برقة نزل على أحد أعيانها للراحة فأضافه أياما، فخرج ليلة سكران من بيته، فلما أصبح الناس وجدوه ملقى في سانية من سواني البلد مخنوقا بتكة سراويله، ولم يعرف سبب ذلك ولا فاعله، وكانت وفاته كذلك يوم الأربعاء سنة اثنتين وستين وثلاثمائة وقد جاوز الأربعين. ولما بلغ المعز خبر موته أسف عليه أسفا عظيما وقال: هذا الذي كنا نرجو أن نفاخر به شعراء المشرق فلم يقدر لنا ذلك.

ومن غرر شعره قصيدته الرائية المشهورة التي مدح بها المعز المذكور،


[١١٢٨] ترجمة ابن هانىء في جذوة المقتبس: ٨٩ (بغية الملتمس رقم: ٣٠١) والمطرب: ١٩٢ والتكملة: ١٠٣ وابن خلكان ٤: ٤٢١ وعبر الذهبي ٢: ٣٢٨ وسير الذهبي ١٦: ١٣١ والبداية والنهاية ١١: ٢٧٤ والاحاطة ٢: ٢٨٨ والنجوم الزاهرة ٤: ٦٧ والنفح (انظر فهرسته) والشذرات ٣: ٤١؛ وقد نشر زاهد على ديوانه مشروحا، ثم طبع طبعة متواضعة بدار صادر (بيروت) . ولصديقنا د. محمد اليعلاوي دراسة عنه (دار الغرب الإسلامي ١٩٨٥) وقبلها دراسة لمنيرناجي (بيروت ١٩٦٢) . وهذه الترجمة وترجمة ابن القيسراني قبلها أليق بمعجم الشعراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>