فتغيّروا لما رأوني تائبا ... وعن التصرّف قد صرفت عناني
دعهم وعادتهم فلم أر مثلهم ... إلا مجرّد صورة الإنسان
واغسل يديك من الزمان وأهله ... بالطين والصابون والأشنان
[٢٣٣ الف]
[أسعد بن المهذب بن أبي المليح مماتي]
: أحد الرؤساء الأعيان الجلة «١» ، والكاتب الكبراء المنزلة، ومن تصرف في الأعمال، وولي رئاسة الديوان، وله أدب بارع، وخاطر وقّاد مسارع، وقد صنّف في الأدب وعرف، ومات بمدينة حلب في ثامن عشري جمادى الأولى سنة ست وستمائة، على ما نذكره إن شاء الله تعالى.
وأصله من نصارى أسيوط- بليدة بصعيد مصر- قدموا مصر وخدموا وتقدموا وولوا الولايات، وهو مع ذلك من أهل بيت في الكتابة عريق، [برز جدّ أبيه ممّاتي أيام بدر الجمالي]«٢» وهو كالمستولي على الديار المصرية ليس على يده يد، والمسمّون بالخلافة محجوبون ليس لهم غير السكة والخطبة. وكان إلى مماتي كثير من أعماله، فحدثني الصاحب الكبير الوزير الجليل جمال الدين الأكرم أبو الحسن علي بن يوسف الشيباني القفطي- حرس الله علاه- بمدينة حلب قال: بلغني أن بعض تجار الهند قدم إلى مصر ومعه سمكة مصنوعة من عنبر، قد تنوّق فيها وأجيد وطيّبت ورصعت بالجواهر، فعرضها على بدر الجمالي ليبيعها منه فسامها من صاحبها فقال: لا أنقصها من ألف دينار شيئا، فأعيدت إليه، فخرج بها من دار بدر، فقال له أبو المليح: أرني هذه السمكة، فأراه إياها، فقال له: كم سمت فيها؟ فقال: لا أنقصها من ألف دينار
[٢٣٣]- ترجمة ابن مماتي في إنباه الرواة ١: ٢٣١ وبغية الطلب ٣: ٢٨ ووفيات الأعيان ١: ٢١٠ والخريدة (قسم مصر) ١: ١٠٠ والوافي ٩: ١٩ والنجوم الزاهرة ٦: ١٧٨ والشذرات ٥: ٢٠ وحسن المحاضرة ١: ٣٢٥ والبداية والنهاية ١٣: ٥٣ (وكنيته أبو المكارم) وسير الذهبي ٢١: ٤٨٥ (وانظر مزيدا من التخريج في الحاشية) والمقفى ٢: ٨٣.