للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحاب أبي علي، وهو أبو القاسم عبيد الله بن جرو الأسدي، فقال: ابعثه إلينا، فجاء به وصلّى بعضد الدولة، فلما كان الغد وافى أبو علي وسأل الملك عنه فقال: هو كما وصفت إلا أنه لا يقيم الراء، أي يجعلها غينا، كعادة البغداديين في الأغلب، فقال أبو علي لابن جرو ورآه كما قال عضد الدولة: لم لا تقيم الراء؟ فقال: هي عادة للساني لا أستطيع تغييرها، فقال له أبو علي: ضع ذبابة القلم تحت لسانك لترفعه به، وأكثر مع ذلك ترديد اللفظ بالراء، ففعل واستقام له إخراج الراء من مخرجها.

قال: هذا معنى الحكاية التي حكيت لي في هذا، فقلت للشيخ الحاكي لي رحمه الله، وأنا إذ ذاك حدث: ما أحسن ما تلطف أبو علي في طبّه هذا، فما الذي دلّه على هذه المعالجة؟ ومن أين استنبط هذه المداواة؟ وكيف احتال لهذا البرء؟

فقال: هذا الذي حكي لنا فما عندك فيه؟ فأجبت بما استحسنه الشيخ وحاضروه فقلت: لا شبهة بأنّ الغين حرف حلقي لا عمل للسان فيه، والراء حرف من حروف اللسان، وله فيه عمل، فمن نطق بالغين مكان الراء لم يكن للسان فيه عمل بل هو قارّ في فجوته، والحرف الحلقي منطوق به مع سكون اللسان واستقراره، فإذا رفعه بطرف القلم أو غيره مما يقوم مقامه في رفعه ولفظ بالحرف جعل له عملا في الحرف فبطل أن يكون حلقيا أي غينا، لأن حروف الحلق لا عمل للسان فيها، وإذا بطل أن يكون غينا كان راء وهو الحرف الذي تلفّط بالغين بدلا منه، فافهمه وداو به ما جرى هذا المجرى من الحروف، فلو كان واصل بن عطاء الغزال حاذقا حذق أبي علي رحمه الله فداوى رأرأته ولثغته بهذا الدواء لأراحه من تكلفه إخراج الراء من كلامه حتى شاع عنه من إبدال بعض الكلم ما شاع.

قال: وقد حكي أن الزجاج أبا إسحاق كان بهذه الصفة، أعني رأراء، وذلك فيما قرأته بخط ابن برهان النحوي.

[[٦٨٦] عبيد الله أبو بكر الخياط الأصبهاني:]

ذكره حمزة فقال: هو واحد زمانه في


[٦٨٦]- بغية الوعاة ٢: ١٣٠ (وهو ينقل عن ياقوت) .

<<  <  ج: ص:  >  >>