قد ذكرت معنى تسميتهم بحاجب النعمان في ترجمة أبيه، وكان أبو الحسن هذا من الفصحاء البلغاء، وقد صنف كتبا وأنشأ رسائل وله ديوان شعر كبير الحجم، وكان أبوه يكتب لأبي محمد المهلبي وزير معز الدولة، وكتب أبو الحسن للطائع لله ثم للقادر بالله بعده في شوال سنة ست وثمانين وثلاثمائة وخوطب برئيس الرؤساء وخدم خليفتين أربعين سنة، ومولده سنة أربعين وثلاثمائة ومات في رجب سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة «٢» وولي ابنه أبو الفضل مكانه فلم يسدّ مسدّه فعزل بعد شهور.
وحدث ابن نصر قال حدثني أبو الفتح أحمد بن عيسى الشاعر المعروف بحمدية قال: لما قبض القادر بالله على أبي الحسن ابن حاجب النعمان واستكتب أبا العلاء ابن تريك وهى النظر وقلّ رونقه، واتفق أن دخل يوما إلى الديوان فوجد على مخادّه قطعة من عذرة يابسة، فانخزل وتلاشى أمره، فقبض عليه، وأعيد أبو الحسن إلى رتبته. وكانت بيني وبين أبي العلاء من قبل مماظّة في بعض الأمور فامتدحت أبا الحسن بقصيدة أولها:
زمّت ركائبهم فاستشعر التلفا
حتى بلغت منها إلى قولي:
يا من إذا ما رآه الدهر سالمه ... وظلّ معتذرا مما جنى وهفا
قد رام غيرك هذا الطّرف يركبه ... فما استطاع له جريا بلى وقفا
لم يرجع الطرف عنه من تبظرمه ... حتى رأينا على دست له طرفا
[٧٨٢]- ترجمته في المنتظم ٨: ٥١ وتاريخ بغداد ١٢: ٣١.