للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك حسن الصوت مدّادا به، قال: فاستفتحت فملأ صوتي مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقرأت ثلاثين آية فقال لي بيده: أن اسكت، فسكتّ، فقام إليه شابّ من الحلقة فقال: يا معلم أعزك الله، نحن معك، وهذا رجل غريب، وإنما رحل للقراءة عليك وأنت تقرىء ثلاثين، وأنا أحبّ أعزك الله أن تجعل لي فيه نصيبا فقد وهبت له عشرا وأقتصر أنا على عشرين، وكان ذلك ابن كبير المهاجرين، فقال له: نعم وكرامة، ثم قال لي: اقرأ فقرأت عشرا ثم أوما إليّ بيده بالسكوت فسكتّ، فقام إليه فتى آخر فقال:

يا معلم أعزك الله إني أحبّ أن أهب لهذا الرجل الغريب عشرا وأقتصر على عشرين فقد تفضل عليه ابن كبير المهاجرين وأنت تعلم أني ابن كبير الأنصار فأحببت أن يكون لي أيضا مثل ما له من الثواب، قال لي: اقرأ، فلما أن قرأت خمسين آية قعدت حتى لم يبق أحد ممن له قراءة إلا قال لي: اقرأ، فأقرأني خمسين، فما زلت أقرأ عليه خمسين في خمسين حتى قرأت عليه ختمات قبل أن أخرج من المدينة.

[[٦٩٤] عثمان بن سعيد بن عثمان الأندلسي أبو عمرو]

المقرىء يعرف بابن الصيرفيّ: ذكره الحميدي فقال: محدّث مكثر ومقرىء مقدّم، سمع بالأندلس محمد بن عبد الله بن أبي زمنين الالبيري وغيره، ورحل إلى المشرق قبل الأربعمائة فسمع خلقا وطلب علم القراءات وقرأ وسمع الكثير، وعاد إلى الأندلس فتصدر للقراءات، وألّف فيها تواليف معروفة ونظمها في أرجوزة مشهورة، ومات في شوال سنة أربع وأربعين وأربعمائة بدانية من بلاد الأندلس؛ ومن مذكور شعره:

قد قلت إذ ذكروا حال الزمان وما ... يجري على كلّ من يعزى إلى الأدب

لا شيء أبلغ من ذلّ يجرّعه ... أهل الخساسة أهل الدين والحسب


[٦٩٤]- ترجمة أبي عمرو الداني في جذوة المقتبس: ٢٨٦ (وبغية الملتمس رقم: ١١٨٥) والصلة: ٣٨٥ وطبقات ابن الجزري ١: ٥٠٣ وتذكرة الحفاظ: ١١٢٠ وعبر الذهبي ٣: ٢٠٧ وسير الذهبي ١٨: ٧٧ وانباه الرواة ٢: ٣٤١ والديباج المذهب: ١٨٨ والشذرات ٣: ٢٧٢ ومرآة الجنان ٣: ٦٢ والنجوم الزاهرة ٥: ٥٣ ونفح الطيب ٢: ١٣٥ وطبقات الداودي ١: ٣٧٣ ومصنفاته تبلغ مائة وعشرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>