علم النحو ورواية الشعر، أتقن «كتاب سيبويه» صغيرا ثم «كتاب مسائل الأخفش» ثم «كتاب حدود الفراء» وهو في الأخبار والأيام وسائر الآداب متقدم على كل من تفرد بفن «١» منها وله كتابان في النحو: أحدهما بسيط والآخر لطيف، لم يصنّف مثلهما في الزمان.
ولما مات أبو بكر الخياط رثته الشعراء، فمن ذلك قول أبي مسلم ابن جحا الكوفاني:
سآتي باكيا شطّ الفرات ... لعيني أستمدّ مدى حياتي
فأبكي ثم أبكي ثم أبكي ... على من قد توسّد جندلات
على قمر الزمان وزين علم ... عبيد الله كنز الفائدات
وله يرثيه «٢» :
ودّعت بعد أبي بكر ودنياه ... ديوان شعر ونحوا ملك يمناه
طوى الثرى معه كلّ العلوم فلا ... نشر يرجّى له من بعد مثواه
من لي بمثل عبيد الله يوم ثوى ... رهن الحمام وهل في الناس شرواه
ومن كتاب الوزراء لهلال «٣» بن المحسن: حدثني أبو السري الأصبهاني ابن أخت أبي بكر الخياط الأصبهاني قال: كان أبو بكر خالي يحفظ دواوين العرب ويقوم عليها قياما تاما، ويتصرف في كتاب سيبويه ومسائل الأخفش تصرفا قويا، فحدثني أن أبا الفضل ابن العميد كان يقرأ عليه «كتاب الطبائع» لأبي عثمان الجاحظ، فاتفق أن كان في بعض الأيام عنده وقد نزع نعله، فأخذه كلب زيني في الدار وأبعده عن موضعه، وأراد أبو بكر الطهارة فقام ولم يره، وطلبه فلم يجده، فتقدم أبو الفضل أن يقدّم إليه نعل نفسه، فاستسرف ذلك من فعله استسرافا بلغه، فقال: ألام على تعظيم رجل ما قرأت عليه شيئا من «الطبائع» إلّا عرف ديوان قائله وقرأ القصيدة من أولها