قرأت بخط البديع بن عبد الله الهمذاني في ما قرأه على ابن فارس اللغوي، سمعت أبا الحسين الناشىء علي بن عبد الله بن وصيف بمدينة السلام قال: حضرت مجلس أبي الحسن ابن المغلس الفقيه فانقلبت محبرة لبعض من حضر على ثيابي، فدخل أبو الحسن وحمل إليّ قميصا دبيقيا ورداء حسنا، قال: فأخذتهما ورجعت إلى بيتي وغسلت ثيابي ولبستها ورددت القميص والرداء إلى أبي الحسن، فلما رآهما غضب غضبا شديدا وقال: البسه، لولا أنك تتوشح بالأدب لجفوتك.
وهذه حكاية وجدتها بعد أخبار الناشىء بخطّ المصنف: قرأت في كتاب محمد بن أبي الأزهر في عقلاء المجانين، حدثني علي بن إبراهيم بن موسى الكاتب قال: كنت يوما جالسا في صحن داري إذا حجارة قد سقطت عليّ بالقرب مني فبادرت هاربا وأمرت الغلام بالصعود إلى السطوح والنظر من أين أتتنا الحجارة، فرجع إليّ وقال لي: يا مولاي امرأة من دار ابن الرومي الشاعر تقول الله الله فينا اسقونا ماء وإلا متنا عطشا، فإن الباب علينا مقفل منذ ثلاثة أيام بسبب تطيّر صاحبنا، فانه يلبس ثيابه في كلّ يوم ويتعوذ ويقرأ ثم يصير إلى الباب والمفتاح معه، فيضع عينه على خلل من الباب فتقع على جار له كان نازلا بازائه وكان أعور، فإذا بصر به رجع وخلع ثيابه وترك الباب على حاله سائر يومه وليلته، فدفع إليها ما طلبته. فلما كان من غد وجهت بخادم لي اسمه طاهر، وكان ابن الرومي يعرفه، وأمرته أن يجلس على بابه، وتقدمت إلى بعض الغلمان في المصير إلى الأعور برسالتي ومسألته المصير إليّ، فلما زال الرجل عن موضعه دقّ الخادم الباب على ابن الرومي وخاطبه وسأله المصير إليّ أيضا، قال الخادم: فخرج فوضع عينه على ذلك الموضع فوقعت عينه عليّ ولم ير جاره ففتح الباب وخرج لا تقلع عينه عن النظر إليّ ولا يصرف كلامه إلا إلى ناحيتي. قال علي بن إبراهيم: فإني لجالس أنتظره وقد انصرف الأعور إذ وافاني أبو خديجة الطرسوسيّ وكان في ناحية إسماعيل بن إسحاق القاضي، وقد دفع إليه المعتضد برذعة «١» ليوصله