للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني امرأته. يقول١: إن لم أجد من يعينني على سقي الإبل قامت فاستقت معي، فوقع الطين على خلوق يديها٢. فاكتفى بالمسبب الذي هو اختلاط الطين بالخلوق من السبب الذي هو الاستقاء معه.

ومثله قول الآخر:

يا عاذلاتي لا تردن ملامتي ... إن العواذل لسن لي بأمير٣

أراد: لا تلمنني، فاكتفى بإرادة اللوم منه، وهو تالٍ لها ومسبب عنها. وعليه قول الله تعالى {فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} ٤ أي فضرب فانفجرت؛ فاكتفى بالمسبب الذي هو الانفجار من السبب الذي هو الضرب. وإن شئت أن تعكس هذا٥ فتقول: اكتفى بالسبب الذي هو القول، من المسبب الذي هو الضرب.

ومثله قوله:

إذا ما الماء خالطها سخينا٦

إن شئت قلت: اكتفى بذكر مخالطة الماء لها -وهو السبب- من الشرب وهو المسبب. وإن شئت قلت اكتفى بذكر السخاء -وهو المسبب- من ذكر الشرب وهو السبب.

ومثله قول الله عز اسمه: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} ٧ أي فحلق فعليه فدية. وكذلك قوله: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ٨ أي فأفطر فعليه كذا.


١ في ز: "تقول".
٢ كذا في ش، ط، د، هـ، ز: "بدنها".
٣ ورد هذا البيت في المعنى، ويقول البغدادي في شرح شواهده ج٢ ص٧١: "والبيت مشهور بتداول العلماء إياه في مصنفاتهم، ولم أقف على قائله".
٤ آية ٦٠ سورة البقرة.
٥ كذا في د، هـ، ز، وفي ط: "هنا" وسقط في ش.
٦ انظر ص٢٩٠ من الجزء الأول.
٧ آية ١٩٦ سورة البقرة.
٨ آية ١٨٥ سورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>