للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا إنسان كانت له جارية تغنى، فباعها، واشترى بثمنها برذونا، فمر به هذا الشاعر وهو يلجم، فسماه قينة؛ إذ كان شراؤه مسببًا عن ثمن القينة. وعليه قول الله سبحانه: {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} ١ "وإنما يعصر عنبا يصير خمرا"٢ فاكتفى بالمسبب الذي هو الخمر من السبب الذي هو العنب٣. وقال الفرزدق:

قتلت قتيلا لم ير الناس مثله ... أقبله ذا تومتين مسورا٤

وإنما قتل حيا يصير بعد قتله قتيلا، فاكتفى بالمسبب من السبب. وقال:

قد سبق الأشقر وهو رابض ... فكيف لا يسبق إذا يراكض

يعنى مهرا سبقت أمه وهو في جوفها؛ فاكتفى بالمسبب الذي هو المهر، من السبب الذي هو الأم. وهو كثير جدًا. فإذا مر بك فاضممه إلى ما "ذكرنا منه"٥:

باب في كثرة الثقيل، وقلة الخفيف:

هذا موضع من كلامهم طريف، وذلك أنا قد أحطنا٦ علما بأن الضمة أثقل من الكسرة، وقد ترى مع ذلك إلى كثرة٧ ما توالت فيه الضمتان؛ نحو طُنُب، وعُنُق، وفُنُق٨، وحُشُد٩، وجُمُد١٠، وسُهُد١١، وطُنُف١٢، وقلة نحو إبل. وهذا موضع محتاج إلى نظر.

وعلة ذلك عندى أن بين المفرد والجملة أشباها.


١ آية ٣٦ سورة يوسف.
٢ ثبت ما بين القوسين في ش، ط، وسقط في د، هـ، ز.
٣ في ز بعده: "ألا تراه إنما يعصر عنبا يصير خمرا".
٤ التومة: اللؤلؤة. والمسور: لابس السوار.
٥ سقط في د، هـ، ز.
٦ رسم في ش: "أحطانا".
٧ سقط في ش.
٨ يقال جارية فنق: منصة.
٩ جمع حاشد، وهو الذي يبذل جهده في النصرة والإغاثة.
١٠ كذا في ش، وفي ط: "حسد" والجمد: ما ارتفع من الأرض، والحسد جمع حسود.
١١ كذا في ش، وفي ز، ط: "شهد".
١٢ من معانيه ما تنأ من الجبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>