للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها ما هو لازم له. وعلى أنا قد قلنا في ذلك، ودللنا به على أنه من مناقب هذا الرجل ومحاسنه: أن يستدرك عليه من هذه اللغة الفائضة السائرة المنتشرة ما هذا قدره وهذه حال محصوله.

وليس لقائل أن يدعى أن تِلِقامة، وتلعابة في الأصل المرة الواحدة، ثم وصف بها١ على حد٢ ما يقال في المصدر "يوصف٣ به"؛ نحو قول الله سبحانه: {إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا} ٤ أي غائرًا، ونحو قولها٥:

فإنما هي إقبالٌ وإدبار

وما كان مثله؛ من قبل أن من وصف بالمصدر فقال: هذا رجل زور، وصوم، ونحو ذلك، فإنما ساغ ذلك لأنه أراد المبالغة، وأن يجعله هو نفسه الحدث، لكثرة ذلك منه، والمرة الواحدة هي أقل القليل من ذلك الفعل؛ فلا يجوز أن يريد معنى غاية الكثرة، فيأتي لذلك بلفظ غاية القلة. ولذلك لم يجيزوا: زيد إقبالة وإدبارة قياسًا٦ على زيد إقبال وإدبار. فعلى هذا لا يجوز أن يكون قولهم: تِلِقامة على حد قولك: هذا رجل صوم لكن الهاء فيه كالهاء في علامة ونسابة للمبالغة. وإذا كان كذلك فإنه قد "كاد٧ يفارق" مذهب الصفة؛ ألا ترى أن من شرط الصفة أن تطابق موصوفها٨ في تذكيره، وتأنيثه، فوصف المذكر بالمؤنث، ووصف المؤنث، بالمذكر ليس متمكنًا في الوصف تمكن وصف المونث بالمؤنث والمذكر بالمذكر. فقولك إذًا: هذا رجل عليم أمكن في الوصف من قولك: هذا رجل


١ كذا في د، هـ، ز، ط، وفي ش: "به".
٢ سقط في ز.
٣ سقط ما بين القوسين في ش.
٤ آية ٣٠ سورة الملك.
٥ انظر ص ٢٠٥ من الجزء الثاني.
٦ سقط في ش.
٧ كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "بفارق"، وفي ط: "فارق".
٨ في ز: "موضعها".

<<  <  ج: ص:  >  >>