للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فـ"إيادٍ" بدل مِن "مَن"، وإذا كان كذلك لم يمكنك أن تنصب "دارها" بـ "حلت" هذه الظاهرة؛ لما فيه من الفصل، فحينئذ١ ما تضمر٢ له فعلا يتناوله، فكأنه قال فيما بعد: حلت دارها. وإذا جازت دلالة المصدر على فعله، والفعل على مصدره، كانت دلالة الفعل٣ على الفعل الذي هو مثله، أدنى٤ إلى الجواز وأقرب مأخذا في الاستعمال. ومثله قول الكميت في ناقته:

كذلك تيك وكالناظرات ... صواحبها ما يرى المسحل٥

أي وكالناظرات ما يرى المسحل صواحبها. فإن حملته على هذا كان فيه الفصل المكروه. فإذا كان المعنى عليه، ومنع طريق الإعراب منه أضمر له ما يتناوله، ودل "الناظرات" على ذلك المضمر. فكأنه قال فيما بعد: نظرن٦ ما يرى المسحل، ألا تراك لو قلت: كالضارب زيدٌ جعفرا وأنت تريد: كالضارب جعفرا زيد لم يجز؛ كما أنك لو قلت: إنك على صومك لقادر شهر رمضان وأنت تريد: إنك على صومك شهر رمضان لقادر لم يجز شيء من ذلك للفصل.

وما أكثر استعمال الناس لهذا الموضع في محاوراتهم وتصرف الأنحاء "في كلامهم"٧! وأحد من اجتاز به البحتري في قوله:

لا هناك الشغل الجديد بحزوى ... عن رسوم برامتين قفار٨


١ كذا في د، هـ، ز، ط، وفي ش: "فيحسن".
٢ كذا في ز، ط، وفي ش: "لها".
٣ كذا في ش. ط، وفي د، هـ، ز: "الفاعل".
٤ في ط: "أوفق".
٥ المسحل: الحمار الوحشي، وسبق تفسيره بجانب اللحية، ويبدو أن الصواب ما هنا.
٦ كذا في د، هـ، ز، ط وفي ش: "نظرت".
٧ كذا في د، هـ، ز، ط. وفي ش: "بكلامهم".
٨ من قصيدته في مدح أبي جعفر بن حميد، وقبله:
أبكاء في الدار بعد الديار ... وسلوا بزينب عن نوار

<<  <  ج: ص:  >  >>