للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فـ"عن" في المعنى متعلقة "بالشغل"١ أي لا هناك الشغل عن هذه الأماكن؛ إلا أن الإعراب مانع منه، وإن كان المعنى متقاضيا له. وذلك أن قوله "الجديد" صفة للشغل، والصفة إذا جرت على الموصوف٢ آذنت بتمامه، وانقضاء أجزائه. فإن ذهبت تعلق "عن" بنفس "الشغل" على ظاهر المعنى، كان فيه الفصل بين الموصول وصلته، وهذا فاسد، ألا تراك لو قلت: عجبت من ضربك الشديد عمرا لم يجز، لأنك وصفت المصدر وقد بقيت منه بقية، فكان ذلك فصلا بين الموصول وصلته بصفته. وصحتها أن تقول: عجبت من ضربك الشديد عمرا؛ لأنه مفعول الضرب وتنصب عمرا بدلا من الشديد كقولك: مررت بالظريف عمروٍ، ونظرت إلى الكريم جعفر. فإن أردت أن تصف المصدر بعد إعمالك إياه قلت: عجبت من ضربك الشديد عمرا الضعيف، أي عجبت من أن ضربت هذا الشديد ضربا ضعيفا. هذا تفسير المعنى.

وهذا الموضع من هذا العلم كثير في الشعر القديم والمولد. فإذا٣ اجتاز بك شيء منه فقد عرفت طريق القول فيه، والرفق به إلى أن يأخذ٤ مأخذه بإذن الله تعالى. ومنه قول الحطيئة:

أزمعت يأسًا مبينا من نوالكم ... ولن ترى طاردا للحر كالياس٥


١ كذا في ش، وفي د، هـ، ز، وفي ش: "فيحسن".
٢ كذا في ز، ط، وفي ش: "لها".
٣ كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "فإن".
٤ كذا في د، هـ، ز، وفي ش، ط: "تأخذ".
٥ من قصيدة له في هجو بني بهدلة بن عوف رهط الزبرقان. وقبله:
لما بدالى منكم غيب أنفسكم ... ولم يكن لجراحى فيكم آس
وانظر الكامل للمبرد في الباب ٣٩ ص٣٤١ من طبعة أوروبا، وص١٥٧ ج٥ من رغبة الآمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>