للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه قول الآخر:

إن الذئاب قد اخضرت براثنها ... والناس كلهم بكر إذا شبعوا١

أى إذا شبعوا تعادوا وتغادروا لأن بكرًا هكذا فعلها.

ونحو من هذا -وإن لم يكن الاسم٢ المقول٣ عليه علمًا- قول الآخر:

ما أمك اجتاحت المنايا ... كل فؤادٍ عليك أم

كأنه٤ قال: كل فؤاد عليك حزين أو كئيب، إذ كانت الأم هكذا غالب أمرها لا سيما مع المصيبة، وعند نزول الشدة.

ومثله في النكرة أيضًا قولهم: مررت برجل صوفٍ تكته، أي خشنة، ونظرت إلى رجل خز قميصه أي ناعم، ومررت بقاع عرفجٍ كله أي جافٍ وخشن٥. وإن جعلت "كله" توكيدًا لما في "عرفج" من الضمير فالحال واحدة؛ لأنه لم يتضمن الضمير إلا فيه من معنى الصفة.

ومن العلم أيضًا قوله:

أنا أبو بردة إذ جد الوهل٦

أي أنا المغني٧ والمجدي٨ عند اشتداد الأمر.

وقريب منه قوله:

أنا أبوها حين تستبغي أبا٩

أي أنا صاحبها١٠، وكافلها وقت حاجتها إلى ذلك.

ومثله وأحسن "صنعة١١ منه":

لا ذعرت السوام في فلق الصبـ ... ـح مغيرًا ولا دعيت يزيدا١٢

أي لا دعيت الفاضل المغنى؛ هذا يريد١٣ وليس يتمدح بأن اسمه يزيد؛ لأن يزيد ليس موضوعًا بعد النقل عن الفعلية إلا للعلمية. فإنما تمدح هنا بما عرف من فضله وغنائه. وهو كثير. فإذا مر بك١٤ شيء منه فقد عرفتك طريقه.


١ نسبة في الأمالي ١/ ٧ إلى رجل من تميم، وقال: "يريد أن الناس كلهم إذا أخصبوا عدو لكم كبكر بن وائل"، وبراثن الذئاب مخالبها بمنزلة الأصابع للإنسان، واخضرارها كناية عن اخضرار الأرض، وهذا كناية عن الخصب.
٢ سقط في ش.
٣ في ط: "المعول".
٤ كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "فكأنه".
٥ كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "أو" والعرفج: شجر له ثمرة خشناء كالحسك.
٦ هذا من رجز للأعرج المعنى أو لعمرو بن يثربي، قاله في وقعة الجمل، وبعده:
خلقت غير زمل ولا وكل
ومنه الشطر المشهور:
نحن بني ضبة أصحاب الجمل
وفي ش: "برزة" وهما روايتان، وانظر الحماسة بشرح التبريزي "التجارية" ١/ ٢٨٠.
٧ كذا في ش، وفي ز، ط: "المعنى".
٨ سقط حرف العطف في ش، ط.
٩ تستبغي أي تبغي وتطلب.
١٠ كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "ضامنها".
١١ كذا في ش، ط، وفي د، هـ: "منه صنعة".
١٢ السوام: الإبل الراعية وهو ليزيد بن مفزع الحميري.
وبعده:
يوم أعطى من المهانة ضيما ... والمنايا يرصدنني أن أحيدا
انظر تاريخ الطبري ٦/ ١٩١.
١٣ كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز:"يزيد".
١٤ سقط في د، هـ، ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>