للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك همزهم مصائب. وهو غلط منهم. وذلك أنهم شبهوا مصيبة بصحيفة "فكما همزوا صحائف همزوا أيضًا مصائب وليست ياء مصيبة زائدة كياء صحيفة"١ لأنها عين، ومنقلبة عن واو، هي٢ العين الأصلية. وأصلها مصوبة؛ لأنها اسم الفاعل من أصاب؛ كما أن أصل مقيمة مقومة وأصل مريدة مرودة، فنقلت الكسرة من العين إلى الفاء، فانقلبت الواو ياء، على ما ترى. وجمعها القياسي مصاوب. وقد جاء ذلك؛ قال:

يصاحب الشيطان من يصاحبه ... فهو أذي جمة مصاوبه

وقالوا في واحدتها٣: مصيبة، ومصوبة، ومصابة. وكأن الذي استهوى في تشبيه ياء مصيبة بياء صحيفة أنها وإن لم تكن زائدة فإنها ليست على التحصيل بأصل، وإنما هي بدل من الأصل، والبدل من الأصل ليس أصلًا وقد عومل لذلك معاملة الزائد حكى سيبويه٤ عن أبي الخطاب أنهم يقولون في راية: راءة. فهؤلاء همزوا بعد الألف وإن لم تكن زائدة وكانت بدلًا؛ كما يهمزون بعد الألف الزائدة في فضاء وسقاء٥. وعلة ذلك أن هذه الألف وإن لم تكن زائدة فإنها بدل، والبدل مشبه للزائد. والتقاؤهما أن كل واحد٦ منهما ليس أصلًا.

ونحو منه ما حكوه في قولهم في زاي: زاء. وهذا أشد "وأشد"٧ من راءة؛ لأن الألف في راءة على كل حال بدل، وهي أشبه بالزائد وألف زاي ليست منقلبة بل هي أصل؛ لأنها في حرف، فكان ينبغي ألا تشبه بالزائد٨؛ إلا أنها


١ سقط ما بين القوسين في ش.
٢ في ش: "وهي".
٣ كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "واحدها".
٤ انظر الكتاب ١٣٠.
٥ في ط: "شقاء".
٦ كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "واحدة".
٧ كذا في ط، وفي ش: "واشد" وهو تصحيف، وسقط هذا في د، هـ، ز.
٨ كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "بالزوائد".

<<  <  ج: ص:  >  >>