للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد١ كان يعاب ذو الرمة بقوله:

حتى إذا دومت في الأرض راجعه ... كبر، ولو شاء نجى نفسه الهرب٢

فقيل: إنما يقال: دوى في الأرض، ودوم في السماء.

وعيب أيضًا في قوله:

والجيد من أدمانة عنود٣

فقيل: إنما يقال٤: أدماء وآدم. والأدمان جمع؛ كأحمر وحمران، وأنت لا تقول: حمرانة ولا صفرانة. وكان أبو علي يقول: بنى من هذا الأصل فعلانة؛ كخمصانة.

وهذا ونحوه مما يعتد في أغلاط العرب؛ إلا أنه لما كان من أغلاط هذه الطائفة القريبة العهد، جاز أن نذكره في سقطات العلماء. ويحكى أن أبا عمرو رأى ذا الرمة في دكان طحان بالبصرة يكتب، قال: فقلت: ما هذا يا ذا الرمة! فقال: اكتم علي يا أبا عمرو. ولما قال أيضا:

كأنما عينها منها وقد ضمرت ... وضمها السير في بعض الأضى ميم٥

فقيل٦ له: من أين عرفت الميم؟ فقال: والله ما أعرفها؛ إلا أني رأيت معلمًا خرج إلى البادية فكتب حرفًا، فسألته عنه، فقال: هذا٧ الميم؛ فشبهت به عين الناقة. وقد أنشدوا:

كما بينت كاف تلوح وميمها٨


١ سقط في ش، ط.
٢ انظر ص٢٨٤ من هذا الجزء.
٣ انظر ص٢٨٣ من هذا الجزء.
٤ في د، هـ، ط: "هي".
٥ هذا في وصف ناقته المذكورة قبل في قوله:
هل تدنينك من خرقاء ناجية ... وجفاء ينجاب عنها الليل علكوم
العلكوم: القوية الصلبة من الإبل، والأضى جمع الأضاة، وهو الغدير والمستنقع، يقول: إن عينها إذا جهدها السير غارت ونحفت فإذا وردت ماء الأضى ورأى الناظر خيالها فيه بدت عينها كحرف الميم.
٦ في ط: "قيل"ز
٧ في ط: "هذه".
٨ صدره:
أهاجتك آيات أبان قديمها
والشعر للراعي، وانظر الكتاب ٢/ ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>