للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: يا بنى، أحسنوا البنا. يقال: بنى، يبنى بناء في العمران، وبنا يبنوُ١ بنًا، في الشرف. هكذا هذه الحكاية، رويناها عن بعض أصحابنا. وأما الجماعة فعندها أن الواحد من ذلك: بنية وبنية؛ فالجمع على ذلك: البُنَى، والبِنَى.

وأخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن القاسم الذهبى بإسناده عن أبي عثمان أنه كان عند أبي عبيدة، فجاءه رجل، فسأله، فقال له: كيف تأمر من قولنا: عنيت بحاجتك؟ فقال له أبو عبيدة: أعن بحاجتى. فأومأت إلى الرجل: أى ليس كذلك. فلما خلونا قلت له: إنما يقال: لتعن بحاجتى. قال: فقال لى أبو عبيدة: لا تدخل إلي. فقلت: لم؟ فقال: لأنك كنت مع رجل خوزى٢، سرق منى عاما٣ أول قطيفة لى. فقلت: لا والله ما الأمر كذلك: ولكنك سمعتنى أقول ما سمعت، أو كلاما هذا معناه.

وحدثنا أبو بكر محمد بن علي المراغي قال: حضر الفراء أبا عمر الجرمي، فأكثر سؤاله إياه. قال: فقيل لأبي عمر: قد أطال سؤالك؛ أفلا تسأله! فقال له أبو عمر: يا أبا زكرياء، ما٤ الأصل في قم؟ فقال: اقوم. قال: فصنعوا ماذا؟ قال: استثقلوا الضمة على الواو، فأسكنوها، ونقلوها إلى القاف. فقال له أبو عمر: "هذا خطأ"٥: الواو إذا اسكن ما قبلها جرت مجرى الصحيح، ولم تستثقل الحركات فيها. ويدل على صحة قول أبي عمر إسكانهم إياها وهى مفتوحة في نحو يخاف وينام؛ ألا ترى أن أصلهما٦: يخوف، وينوم: وإنما إعلال٧ المضارع هنا محمول على إعلال٧ الماضى. وهذا مشروح في موضعه.


١ في ش: "يبنى".
٢ أي من الخوز وهم سكان خوزستان في بلاد فارس.
٣ في اللسان "عنا": "عام".
٤ في ط: "كيف".
٥ في ط: "قد أخطأت".
٦ كذا في ط. وفي ش: "أصلها".
٧ في ط: "اعتلال".

<<  <  ج: ص:  >  >>