للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك أوقع لها في السمع وأذهب بها في الدلالة على القصد ألا ترى أن المثل إذا كان مسجوعا لذ لسامعه فحفظه فإذا هو حفظه كان جديرًا باستعماله ولو لم يكن مسجوعًا لم تأنس النفس به١، ولا أنقت لمستمعه٢، وإذا كان كذلك لم تحفظه وإذا لم تحفظه لم تطالب أنفسها باستعمال ما وضع له وجيء به من أجله. وقال لنا أبو علي يومًا: قال لنا أبو بكر ٣: إذا لم تفهموا كلامي فاحفظوه فإنكم إذا حفظتموه فهمتموه. وكذلك الشعر: النفس له أحفظ وإليه أسرع ألا ترى أن الشاعر قد يكون راعيًا جلفًا أو عبدًا عسيفًا تنبو صورته وتمج جملته٤، فيقول ما يقوله من الشعر فلأجل قبوله وما يورده عليه من طلاوته٥، وعذوبة مستمعه٦ ما يصير قوله حكمًا يرجع إليه ويقتاس٧ به ألا ترى إلى قول العبد الأسود ٨:

إن كنت عبدًا فنفسي حرة كرمًا ... أو أسود اللون إني أبيض الخلق

وقول نصيب ٩:

سودت فلم١٠ أملك سوادي وتحته ... قميص من القوهي بيض بنائقه١١


١ كذا في أ، ب، ش. وفي ج: "له".
٢ كذا في أ، ب، ش. وفي ج: "يستمعه". وضبط في ب بفتح الميم في معنى المصدر أي لاستماعه. وفي أبكسر الميم.
٣ هو ابن السراج.
٤ كذا في أ، ب، ش. وفي ج: "خلقته".
٥ الطلاوة -مثلثة الطاء: الحسن والبهجة.
٦ في ش: "مسمعه".
٧ كذا في أ، ج. وفي ش، ب: "يقاس".
٨ هو سحيم عبد بني الحسحاس، وانظر الأغاني ص٢ ج٢٠ طبعة بولاق، والديوان.
٩ هذا يوافق ما في الأمالي ٢/ ٨٨ وذيلها ١٢٧, والأغاني طبعة الدار ١/ ٣٥٤. وقد نسب صاحب الأغاني ٢٠/ ٢ طبعة بولاق إلى سحيم، وليس في ديوانه، ونسبه صاحب اللسان في "فوه" إلى نصيب.
١٠ كذا في أ، ج. وفي ب، ش: "ولم".
١١ القوهي: ضرب من الثياب البيض ينتسب إلى قوهستان، وهو إقليم في فارس. وقوهستان معناه في الأصل موضع الجبال. وانظر معجم ياقوت. والبنائق جمع بنيقة، وبنائق القميص: العرا التي تدخل فيها الأزرار، ويريد بالقميص الذي تحت سواده قلبه وخلقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>