للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول الآخر ١:

إني وإن كنت صغيرًا٢ سني ... وكان في العين نبوٌ عني

فإن شيطاني أمير الجن ... يذهب بي في الشعر كل فن

حتى يزيل عني التظني

فإذا رأيت العرب قد أصلحوا ألفاظها وحسنوها وحموا حواشيها وهذبوها وصقلوا غروبها٣ وأرهفوها فلا ترين أن العناية إذ ذاك إنما هي بالألفاظ بل هي عندنا خدمة منهم للمعاني وتنويه "بها"٤ وتشريف منها. ونظير ذلك إصلاح الوعاء وتحصينه وتزكيته٥، وتقديسه وإنما المبغي٦ بذلك منه٧ الاحتياط للموعى عليه٨ وجواره بما يعطر بشره٩ ولا١٠ يعر جوهره كما قد نجد من المعاني الفاخرة السامية ما يهجنه١١ ويغض منه كدرة١٢ لفظه وسوء العبارة عنه.

فإن قلت: فإنا نجد من ألفاظهم ما قد نمقوه وزخرفوه ووشوه ودبجوه ولسنا نجد مع ذلك تحته معنى شريفًا بل لا نجد قصدًا١٣ ولا مقاربًا؛ ألا ترى إلى قوله ١٤:


١ هو مالك بن أمية كما في الوحشيات، ووردت الأشطار الثلاثة الأول في الحيوان ١/ ٢٠٠ غير معزوة.
٢ كذا في أ، ب، ش. وفي ج: "صغير السن". وفي الوحشيات: "حديث السن".
٣ هو استعارة من غروب الأسنان؛ أي أطرافها، واحدها غرب بفتح الأول وسكون الثاني.
٤ كذا في ش، ب. وسقط هذا في أ.
٥ كذا في أ. وفي ب: "توكينه". وفي ش: "تكوينه".
٦ كذا في أ، ب، ش. وفي ج: "المعنى".
٧ كذا في ش، ب. وفي أ: "ومنه".
٨ ثبتت هذه الصلة في أ، ب، ش. وسقطت في ج، وهذا أجود. والموعى -بضم الميم وفتح العين- أو الموعي ما وضع في الوعاء. يقال: أوعيت الشيء ووعيته. وكأنه ضمن الموعى معنى المحافظ فعداه بعلى.
٩ كذا في أ. والبشر: ظاهر الجلد. وفي غيرها: "نشره" والنشر -بفتح النون وسكون الشين -الرائحة الطيبة.
١٠ كذا في أ. وفي ش، ب: "فلا". ويعر: "يعيب".
١١ كذا في ش، ب. وفي أ: "تهجنه".
١٢ تنازعه في العمل يهجيه ويغض.
١٣ القصد: الوسط. والمقارب: غير الجيد.
١٤ جاء هذان البيتان في أسرار البلاغة مع ثالث بينهما ص١٦، وفي الوساطة ٨، ونسبا فيها ليزيد بن الطثرية، والبيتان نسبا في معاهد التنصيص إلى كثير عزة، وانظر ص٢٩ من هذا الجزء.

<<  <  ج: ص:  >  >>