للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي المنخفض من الأرض -قال: وكذلك " هيت " لهذا البلد١، لأنه منخفض من الأرض- فأصله٢ هوتيت، ثم أبدلت الواو التي هي عين فعليت وإن كانت ساكنة؛ كما أبدلت في ياجل٣ وياحل٣، فصار هاتيت وهذا لطيف حسن. على أن صاحب العين قد قال: إن الهاء فيه بدل من همزة كهرقت ونحوه. والذي يجمع بين هاتيت وبين الهوتة حتى دعا ذلك أبا علي إلى ما قال به أن الأرض المنخفضة تجذب إلى نفسها بانخفاضها. وكذلك قولك: هات إنما هو استدعاء منك للشيء واجتذابه إليك. وكذلك صاحب العين إنما حمله على اعتقاد بدل الهاء من الهمزة أنه أخذه من أتيت الشيء والإتيان ضرب من الانجذاب إلى الشيء. والذي ذهب إليه أبو علي في "هاتيت " غريب لطيف.

ومما يستحيل فيه التقدير لانتقاله من صورة إلى أخرى قولهم "هلممت" إذا قلت: هلم. فهلممت الآن كصعررت وشمللت وأصله قبل غير هذا إنما هو أول٤ "ها " للتنبيه لحقت مثال الأمر للمواجه توكيدًا. وأصلها٥ ها لُمَّ فكثر استعمالها وخلطت "ها " بـ "لم " توكيدًا للمعنى لشدة الاتصال فحذفت الألف لذلك ولأن لام " لم " في الأصل ساكنة ألا ترى أن تقديرها أول "المم " وكذلك يقولها أهل الحجاز ثم زال هذا كله بقولهم "هلممت " فصارت كأنها فعللت من لفظ "الهلمام "٦ وتنوسيت حال التركيب. وكأن الذي صرفهما جميعًا عن ظاهر حاله حتى دعا أبا علي إلى أن جعله من "الهوتة " وغيره من لفظ أتيت عدم تركيب٧ ظاهره،


١ هو بلد على شاطئ الفرات، وعلى هذا فالياء في هيت أصلها الواو.
٢ أي أصل هاتيت.
٣ والأصل: يوجل ويوحل.
٤ هو هنا ظرف.
٥ كذا في أ. وفي ش، ب: "فأصلها".
٦ كذا في ج. وفي أ، ب، ش: "الهلمان". وكذا في عبارة اللسان في "هلم".
٧ يريد أن تأليفه غير موجود في اللغة، فلذلك اعتمد تخريجه على غير ظاهره. وهو عود إلى الكلام على هاتيت.

<<  <  ج: ص:  >  >>