للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي أعطتها حكمًا من أحكامها قد حارت فاستعادت١ من فروعها ما كانت هي أدته إليها وجعلته عطية منها لها فكذلك أيضًا يصير تقديم المفعول لما استمر وكثر كأنه هو الأصل وتأخير الفاعل كأنه أيضًا هو الأصل.

فإن قلت إن هذا ليس مرفوعًا إلى العرب ولا محكيًا عنها أنها رأته مذهبًا وإنما هو شيء رآه سيبويه واعتقده قولًا ولسنا نقلد سيبويه ولا غيره في هذه العلة ولا غيرها، فإن٢ الجواب عن هذا حاضر عتيد والخطب فيه أيسر وسنذكره في باب يلي هذا بإذن الله. ويؤكد أن الهاء في " ربه " لعدي٣ بن حاتم من جهة المعنى عادة العرب في الدعاء ألا تراك لا تكاد تقول: جزى رب زيد عمرًا وإنما يقال: جزاك ربك خيرًا أو شرًا. وذلك أوفق لأنه إذا كان مجازيه ربه كان أقدر على جزائه وأملأ٤ به. ولذلك جرى العرف بذلك فاعرفه.

ومما نقضت مرتبته المفعول في الاستفهام والشرط فإنهما٥ يجيئان مقدمين٦ على الفعلين الناصبين لهما وإن كانت رتبة المعمول أن يكون بعد العامل فيه. وذلك قوله سبحانه وتعالى {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} فـ " أي منقلب " منصوب على المصدر بـ "ينقلبون " لا بـ "سيعلم " وكذلك قوله تعالى: {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ


١ كذا في أ، ب. وفي ش: "واستعادت". وفي الخزانة في شواهد الفاعل: "فاستعارت".
٢ جواب قوله: "فإن قلت إن هذا ... ".
٣ عرض ابن يعيش في شرح المفصل ١/ ٧٢ لمذهب ابن جني في مسألة "ضرب غلامه زيدا" ورأيه في مرجع الضمير في البيت، ثم قال: "وذلك خلاف ما عليه الجمهور" والصواب أن تكون الهاء عائدة إلى المصدر، والتقدير: جزى رب الجزاء، وصار ذكر الفعل كتقديم المصدر؛ إذ كان دالا عليه". وترى مثل هذا في أمالي ابن الشجري ١/ ١٠٢.
٤ كذا في ش، ب. وفي أ، ج: "إملائه" وفي عبارة الخزانة: "إيلامه". والوجه ما أثبتنا. و"أملأ به" أي أوثق بأدائه، يقال: ملؤ فهو مليء إذا كان ثقة غنيا.
٥ أي المفعول في الاستفهام والمفعول في الشرط، وقد ثنى الضمير نظرا لهذا التعدد.
٦ كذا في أ. وفي ش، ب: "متقدمين".
٧ كذا في ب، ش. وفي أ: "بيعلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>