للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما أفاد. وعلى نحو من هذا قالوا "جمالية" لأنهم شبهوها بالجمل في شدته وعلو خلقه؛ قال الأعشى:

جمالية تغتلي بالردف ... إذا كذب الآثمات الهجيرا١

وقال الراعي:

على جمالية كالفحل هملاج

وهو كثير. فلما شاع ذلك واطرد صار كأنه أصل في بابه، حتى عادوا فشبهوا الجمل بالناقة في ذلك؛ فقال٢:

وقربوا كل جُمالي عَضِه ... قريبةٍ ندوتُه من مَحمَضِه

فهذا من حملهم الأصل على الفرع فيما كان الفرع أفاده من الأصل، ونظائره في هذه اللغة كثيرة.

وهذا المعنى عينه قد استعمله النحويون في صناعتهم فشبهوا الأصل بالفرع في المعنى الذي أفاده ذلك الفرع من ذلك الأصل ألا ترى أن سيبويه أجاز في قولك: هذا الحسن الوجه أن يكون الجر في الوجه من موضعين، أحدهما


١ "تغتلي": تسرع، والرداف جمع الرديف وهو -كالردف: من يركب خلف الراكب، يريد أنها تقوى على السير وفوقها أكثر من راكب، والآثمات من النوق: المبطئات، وكذب البعير الهجير: أساء السير فيه ولم يصدقه. وهو من قصيدة له في الديوان وقبله:
وبيداء يلعب فيها السرا ... ب لا يهتدي القوم فيها مسيرا
قطعت إذا سمع السامعو ... ن للجندب الجون فيها صريرا
ناجية كأتان التميل ... توفي السرى بعد أين عسيرا
٢ هو هميان بن قحافة كما في اللسان في "جمل وعضه وحمض". وعضه: يرعى العضاء من الأشجار. والندوة موضع شرب الإبل. والمحمض: حيث يرعى الحمض وهو من النبات ما فيه ملوحة، وهو ما تشتهيه الإبل. يقول: موضع شربه قريب لا يتعب في طلب الماء. وانظر نوادر أبي زيد ١١٤ والأمالي ٢/ ٢٥٢ والسمط ٢٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>