للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففصل بقوله: "والأيام يعثرن بالفتى" بين المبتدأ وخبره. وأنشدنا:

لعلك والموعود صدق لقاؤه ... بدا لك في تلك القلوص بداء١

وسألته عن بيت كثير:

وإني وتهيامي بعزة بعدما ... تخليت مما بيننا وتخلت٢

فأجاز أن يكون قوله: "وتهيامي بعزة " جملة من مبتدأ وخبر اعترض بها بين اسم إن وخبرها الذي هو قوله:

لكالمرتجي ظل الغمامة كلما ... تبوأ منها للمقيل اضمحلت

فقلت له: أيجوز أن يكون "وتهيامي "٣ بعزة قسمًا؟ فأجاز ذلك ولم يدفعه. وقال الله عز وجل: {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ} ٤. فقوله تعالى: {فَلْيَذُوقُوهُ} اعتراض بين المبتدأ وخبره. وقال رؤبة ٥:

إني وأسطار سطرن سطرا ... لقائل يا نصر نصرٌ نصرا٦

فاعترض بالقسم بين اسم إن وخبرها.

والاعتراض في شعر العرب ومنثورها كثير وحسن ودال على فصاحة المتكلم وقوة نفسه وامتداد نفسه وقد رأيته في أشعار المحدثين وهو في شعر إبراهيم بن المهدي أكثر منه في شعر غيره من المولدين ٧.


١ كان رجل وعد محمد بن بشير الخارجي قلوصا -وهي الناقة الفتية- فمطله؛ فقال ذلك يذمه. وانظر الأغاني ٤/ ١٥٧ والأمالي ٢/ ٧١ وشرح شواهد المغني للسيوطي ٢٧٤، وللبغدادي ٢/ ٦١٢.
٢ من قصيدته الطويلة التي أولها:
خليلي هذا ربع عزة فاعقلا ... قلوصيكما ثم ابكيا حيث حلت
انظر الأمالي ٢/ ١٠٧، والخزانة ٢/ ٣٧٩، وشواهد المغني للبغدادي ٢/ ٦٢١.
٣ كذا في ج. وفي سائر الأصول: "تهيامي".
٤ آية ٥٧ سورة ص.
٥ تبع في هذا ما في سيبويه ١/ ٣٠٤، ورده الصاغاني وأنكر نسبته إلى رؤبة ويقول البغدادي في الخزانة: "والعجب من الصاغاني حيث رد على سيبويه في أن هذا الشاهد ليس لرؤبة. ولم يبين قائله". ويقول البغدادي في شواهد المغني ٢/ ٦١٩: "وهذا الرجز لرؤبة، ولم أره في ديوانه". وقد أورده طابع ديوان رؤبة فيما نسب إليه ص١٧٤.
٦ بعده:
بلغك الله فبلغ نصرا ... نصر بن سيارة يثبني وفرا
ونصر في البيت الأول حاجب نصر بن سيار أحد ولاة الأمويين، وهو المراد بنصر في البيت الثاني ويرى صاحب القاموس أن الصواب في اسم الحاجب نضر "بالمعجمة". وقد أبان في الخزانة أن المجد تبع في هذا الصاغاني في العباب. وانظر الخزانة ١/ ٣٢٥ وشواهد المغني لصاحب الخزانة ٢/ ٦١٩، والقاموس "نصر"، وسيبويه في الموطن السابق.
٧ كذا في ش، ب. وفي أ: "المحدثين".

<<  <  ج: ص:  >  >>