للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدعاء على آبائهم من حيث ذكرها فجاء به جمعًا مصححًا على قولك: أب وأبون وأبين قال:

فلما تبين أصواتنا ... بكين وفدَّيننا بالأبينا١

وعليه قول الآخر -أنشدناه:

فمن يك سائلا عني فإني ... بمكة مولدي وبها ربيت٢

وقد شنئت بها الآباء قبلي ... فما شنئت أبي ولا شنيت

أي ما شنئت٣ آبائي. فهذا شيء عرض, ولنعد.

ومن ذلك قولهم: مختار ومعتاد ونحو ذلك فهذا يحمل تقديرين مختلفين لمعنيين مختلفين. وذلك أنه إن كان اسم الفاعل فأصله مختير ومعتوِد كمقتطع "بكسر العين ".

وإن كان مفعولا فأصله مختيَر ومعتوَد كمقتطَع. فـ "مختار " من قولك: أنت مختار للثياب أي مستجيد لها أصله مختير. ومختار من قولك: هذا ثوب مختار أصله مختير. فهذان تقديران مختلفان لمعنيين. وإنما كان يكون هذا منكرًا لو كان تقدير فتح العين وكسرها لمعنى واحد فأما وهما لمعنيين فسائغ حسن. وكذلك ما كان من المضعف في هذا الشرج٤ من الكلام٥ نحو قولك: هذا رجل معتد للمجد ونحوه فهذا هو اسم الفاعل وأصله معتدد "بكسر العين"، وهذا رجل معتد أي منظور إليه فهذا مفتعل "بفتح العين" وأصله معتدد كقولك: هذا معنىً معنىٌ معتبر أي ليس؛


١ أورده سيبويه في الكتاب ٢/ ١٠١، وقال: "أنشدناه من نثق به وزعم أنه جاهلي" وهو زياد بن واصل السلمي. وانظر الخزانة ٢/ ٢٧٥.
٢ البيتان نسبهما ابن دريد في الجمهرة ٣/ ٤٨٨ إلى قصي بن كلاب. وفيها: "شئيت" في الموضعين في مكان "شئت" و"شنيت"، وفسر ذلك ابن دريد: "شئيت: سبقت، من قولهم: شأوت الرجل إذا سبقته، وهذا أيضا في ج، أ. و"ربيت": نشأت، يقال: ربي في حجر فلان يربى ربا، نشأ عنده. وانظر اللسان "ربا" ففيها البيت الأول غير معزو.
٣ في ج، أ: "سبقت".
٤ الشرج "بالجيم": الضرب والنوع.
٥ كذا في أ، ب. وفي ش: "في".

<<  <  ج: ص:  >  >>