للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي فسيَّان حرب وبواؤكم بمثله١، كما أن معنى الأول: فكان سيان ألا يسرحوا نعما وأن يسرحوه بها. وهذا واضح.

ومن ذلك قولهم: صبية وصبيان قلبت الواو من صبوان وصبوة في التقدير -لأنه من صبوت- لانكسار الصاد قبلها وضعف الباء أن تعتد حاجزًا لسكونه. وقد ذكرنا ذلك. فلما ألف هذا واستمر تدرجوا منه إلى أن أقروا قلب الواو ياء بحاله وإن زالت الكسرة وذلك قولهم أيضًا: صبيان وصبية "وقد "٢ كان يجب -لما زالت الكسرة- أن تعود الياء واوًا إلى أصلها لكنهم أقروا الياء بحالها لاعتيادهم إياها حتى٣ صارت كأنها كانت أصلًا. وحسن ذلك لهم شيء آخر وهو أن القلب في صبية وصبيان إنما كان استحسانًا وإيثارًا لا عن وجوب علة ولا قوة قياس؛ فلما لم تتمكن علة القلب ورأوا اللفظ بياء قوي عندهم إقرار الياء بحالها لأن السبب الأول إلى قلبها لم يكن قويًا ولا مما يعتاد في مثله أن يكون مؤثرًا.

ومن ذلك قولهم في الاستثبات عمن قال ضربت رجلًا: منا؟ ومررت برجل مني؟ وعندي رجل: منو؟ فلما شاع هذا ونحوه عنهم تدرجوا منه إلى أن قالوا: ضرب منٌ منا كقولك: ضرب رجل رجلا.

ومن ذلك قولهم: أبيض لياح وهو من الواو لأنه ببياضه ما يلوح للناظر. فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها وليس ذلك عن قوة علة إنما هو للجنوح إلى خفة الياء مع أدنى سبب وهو التطرق إليها بالكسرة طلبًا للاستخفاف لا عن وجوب قياس ألا ترى أن هذا الضرب من "الأسماء التي ليست"٤ جمعًا كرباض وحياض ولا مصدرًا جاريًا على فعل معتل كقيام وصيام إنما يأتي مصححًا


١ ثبت في ش، ب. وسقط في أ. وقد ثبت أيضا في عبارة اللسان.
٢ كذا في ش. وفي أ، ب: "فقه".
٣ كذا في أ، ب، د، هـ. وفي ش: "حيث".
٤ كذا في أ. وفي ش، ب: "الأسماء ليست".

<<  <  ج: ص:  >  >>