للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك قولهم: بأيهم تمرر أمرر١؛ فقدموا حرف الجر على الشرط فأعملوه فيه وإن كان الشرط لا يعمل فيه ما قبله لكنهم لما لم يجدوا طريقًا إلى تعليق٢ حرف الجر استجازوا إعماله في الشرط. فلما ساغ لهم ذلك تدرجوا منه إلى أن أضافوا إليه الاسم فقالوا: غلام من تضرب أضربه وجارية من تلق ألقها. فالاسم في هذا إنما جاز عمله في الشرط من حيث كان محمولًا في ذلك على حرف الجر. وجميع هذا حكمه في الاستفهام حكمه في الشرط من حيث كان الاستفهام له صدر الكلام كما أن الشرط كذلك. فعلى هذه جاز بأيهم تمر؟ وغلام من تضرب فأما قولهم:

أتذكر إذ من يأتنا نأته٣

فلا يجوز إلا في ضرورة الشعر وإنما يجوز على تقدير حذف المبتدأ أي أتذكر إذ الناس من يأتنا نأته فلما باشر المضاف غير المضاف إليه في اللفظ أشبه الفصل بين٤ المضاف والمضاف إليه فلذلك أجازوه في الضرورة.

فإن قيل: فما الذي يمنع من إضافته إلى الشرط وهو ضرب من الخبر؟ قيل: لأن الشرط له صدر الكلام فلو أضفت إليه لعلقته بما قبله وتانك٥ حالتان٦ متدافعتان. فأما بأيهم تمرر أمرر ونحوه فإن حرف الجر متعلق بالفعل بعد الاسم, والظرف في قولك: أتذكر إذ من يأتنا نأته متعلق بقولك أتذكر وإذا خرج ما يتعلق به حرف الجر من حيز الاستفهام لم يعمل في الاسم المستفهم به ولا المشروط به.


١ كذا في أ، ج. وسقط في ش، ب.
٢ أي عدم عمله لفظا.
٣ هذا صورة شطر بيت من الشعر، ولم يأت في شعر والصواب أنه نثر لا شعر ولكنه أجيز إذا فرض أن أدخله شاعر في شعره. وانظر الكتاب ١/ ٤٤٠، والهمع ٢/ ٦٢.
٤ كذا في ش، ب. وفي أ: "من".
٥ في الأصول: "تلك" ويبدو أنه تحريف عما أثبت.
٦ كذا في ش، ب. وفي أ: "حالان".

<<  <  ج: ص:  >  >>