للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: ولم لم تقرر الهمزة في قائم وبائع فيما تبنيه منهما, كما أقررتها في تحقيرهما؟

قيل: البناء من الشيء أن تعمد لأصوله فتصوغ منها زوائده فلا تحفل بها. وليس كذلك التحقير. وذلك أن صورة المحقر معك ومعنى التكبير١ والتحقير في أن كل واحد منهما واحد واحد وإنما بينهما أن أحدهما كبير والآخر صغير فأما الإفراد والتوحيد فيهما كليهما فلا نظر فيه ٢. قال أبو علي -رحمه الله- في ضحة الواو في نحو أسيود وجديول: مما أعان على ذلك وسوغه أنه في معنى جدول صغير فكما تصح الواو في جدول صغير فكذلك أنس بصحة الواو في جديول. وليس كذلك الجمع؛ لأنه رتبة غير رتبة الآحاد فهو شيء آخر فلذلك سقطت في الجمع حرمة الواحد, ألا تراك تقول في تكسير قائم: قوام وقوم فتطرح الهمزة وتراجع لفظ الأصل، ولا تقول: قؤام، ولا قؤم، كما قلت في التحقير: قوئم، بالهمز.

وسألت مرة أبا علي -رحمه الله- عن رد سيبويه كثيرًا من أحكام التحقير إلى أحكام التكسير وحمله إياها عليها ألا تراه "قال تقول "٣: سريحين لقولك: سراحين, ولا تقول ٤: عثيمين لأنك لا تقول: عثامين ونحو ذلك. فقال: إنما حمل التحقير في هذا على التكسير من حيث كان التكسير بعيدًا عن رتبة الآحاد. فاعتد ما يعرض فيه لاعتداده بمعناه والمحقر هو المكبر والتحقير فيه جار مجرى الصفة, فكأن لم يحدث بالتحقير٥ أمر يحمل عليه غيره كما حدث بالتكسير حكم يحمل عليه الإفراد: هذا معقد معناه وما أحسنه وأعلاه!


١ كذا في أ. وفي ش، ب: "التكثير".
٢ أي هو باق على حاله لا يتغير بالتحقير.
٣ كذا في ج. وفي ش، ب: "قال يقول". وفي أ: "ألا تراه يقول.
٤ كذا في أ، ب، ش. وفي ج: "تقل" وانظر سيبويه ٢/ ١٠٨.
٥ كذا في أ. وفي سائر الأصول: "بالتصغير".

<<  <  ج: ص:  >  >>