للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن التدريج قولهم: هذا حضرُموت بالإضافة على منهاج اقتران الاسمين أحدهما بصاحبه. ثم تدرجوا من هذا إلى التركيب فقالوا: هذا حضرَموت. ثم تدرجوا من هذا إلى أن صاغوهما جميعًا صياغة المفرد فقالوا: هذا حضرَمُوت فجرى لذلك مجرى عضرفوط ويستعور.

ومن التدريج في اللغة قولهم: ديمة١ وديم؛ واستمرار القلب في العين للكسرة قبلها, ثم تجاوزوا ذلك لما كثر وشاع إلى أن قالوا: ديمت السماء ودومت؛ فأما دومت فعلى القياس وأما ديمت فلاستمرار القلب في ديمة وديم. أنشد أبو زيد:

هو الجواد ابن الجواد ابن سبل ... إن دوموا جاد وإن جادوا وبل٢

ورواه أيضًا "ديموا " بالياء. نعم ثم قالوا: دامت السماء تديم؛ فظاهر هذا أنه أجري مجرى باع يبيع, وإن كان من الواو.

فإن قلت: فلعله فعل يفعل من الواو؛ كما ذهب الخليل في طاح يطيح, وتاه يتيه؛ قيل: حمله على الإبدال أقوى؛ ألا ترى أنه قد حكي في مصدره ديمًا, فهذا مجتذب إلى التاء مدرج٣ إليها مأخوذ به نحوها.

فإن قلت: فلعل٤ الياء لغة٥ في هذا الأصل كالواو, بمنزلة ضاره يضيره ضيرًا وضاره يضوره ضورًا. قيل: يبعد ذلك هنا ألا ترى إلى اجتماع٦


١ هي المطر الدائم في سكون.
٢ قيل إن هذا في وصف فرس. وسبل فرس نجيبة في العرب. ولهذه الفرس ذكر في أنساب الخيل لابن الكلبي ١٦، ٢٧، وهي أم أعوج. ويقول الجعدي:
وعناجيج جياد نجب ... نجل فياض ومن آل سبل
ويقول ابن بري: إن سيلا والد الراجز جهم بن سبل، وإن الرواية:
أنا الجواد ابن الجواد ابن سبل
وانظر اللسان في "سبل" وانظر أيضًا التاج في المادة هذه.
٣ كذا في أ. وفي ش، ب: "ومدرج".
٤ كذا في أ، ب. وفي ش "فعل".
٥ كذا في أ، ب، ش. وفي ج: "لعلة".
٦ في أ: "إجماع".

<<  <  ج: ص:  >  >>