للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن من مذهبهم أن يستعملوا من اللغة ما غيره أقوى في القياس منه؛ ألا ترى إلى حكاية أبي العباس عن عمارة قراءته {وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} ١ بنصب النهار وأن أبا العباس قال له ٢: ما أردت؟ فقال: أردت "سابقٌ النهار " قال أبو العباس فقلت له: فهلا قلته فقال: لو قلته لكان أوزن أي أقوى. فهذا يدلك٣ على أنهم قد يتكلمون بما غيره عندهم٤ أقوى منه، "وذلك"٥ لاستخفافهم الأضعف إذ لولا ذلك لكان الأقوى أحق وأحرى كما أنهم لا يستعملون المجاز إلا لضرب من المبالغة إذ لولا ذلك لكانت الحقيقة أولى من المسامحة.

"٦وإذا كثر على المعنى الواحد ألفاظ مختلفة فسمعت في لغة إنسان واحد فإن أخرى ذلك أن يكون قد أفاد أكثرها أو طرفًا منها من حيث كانت القبيلة الواحدة لا تتواطأ في المعنى الواحد على ذلك كله. هذا غالب الأمر وإن كان الآخر في وجه من القياس جائزًا.

وذلك كما جاء عنهم في أسماء الأسد والسيف والخمر وغير ذلك وكما تنحرف الصيغة٧ واللفظ واحد نحو قولهم: هي رَغوة اللبن, ورُغوته, ورِغوته, ورُغاوته ورِغاوته ورُغايته. وكقولهم: الذَرُوح٨، والذُرُّوح، والذِّرِّيح، والذُرَّاح، والذُرَّح، والذُرنوح، والذُرحرح، والذُرَّحرح، روينا ذلك كله. وكقولهم: جئته من علُ،


١ آية ٤٠ سورة يس.
٢ ثبت في ش، ب وسقط في أ.
٣ كذا في أ. وفي ش, ب: "يدل".
٤ ثبت في ش، ب. وسقط في أ.
٥ ثبت في ش، ب وسقط في أ.
٦ ما بين التنصيص في أ، وسقط في ش، ب، ج. وهو من هذا الموضع إلى قوله في الصفحة التالية: "كلما كثرت الألفاظ".
٧ في أ: "الصنعة"، وقد تبعت هنا ما في المزهر ١/ ١٥٦ وما يؤخذ من ج.
٨ هو دويبة أعظم من الذباب شيئًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>