للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحدثني١ أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد عن أبي بكر محمد بن هارون الروياني عن أبي حاتم قال: قرأ علي أعرابي بالحرم: "طيبى لهم وحسن مآب", فقلت: طوبى, فقال: طيبى, قلت: طوبى, قال: طيبى. فلما طال علي الوقت قلت: طوطو, فقال: طي طي. أفلا ترى إلى استعصام هذا الأعرابي بلغته وتركه متابعة أبي حاتم.

والخبر المرفوع في ذلك وهو سؤال أبي عمرو أبا خيرة٢ عن قولهم: استأصل الله عرقاتهم٣, فنصب أبو خيرة التاء من "عِرقاتهم ", فقال له أبو عمرو: هيهات أبا خيرة لان جلدك ٤. وذلك أن أبا عمرو استضعف النصب بعد ما كان سمعها منه بالجر قال: ثم رواها فيما بعد أبو عمرو بالنصب والجر فإما أن يكون سمع النصب من غير أبي خيرة ممن يرضى عربيته وإما أن يكون قوي في نفسه ما سمعه من أبي خيرة من نصبها. ويجوز أيضًا أن يكون قد أقام الضعف في نفسه فحكى النصب على اعتقاده ضعفه, وذلك أن الأعرابي قد ينطق بالكلمة يعتقد أن غيرها أقوى في نفسه منها ألا ترى أن أبا العباس حكى عن عمارة أنه كان يقرأ: {وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} بالنصب, قال أبو العباس: فقلت له ما أردت؟ فقال: سابقٌ النهارَ, فقلت له فهلا قلته فقال: لو قلته لكان أوزن أي أقوى. وقد ذكرنا هذه الحكاية للحاجة إليها في موضع آخر٥، ولا تستنكر إعادة الحكاية, فربما كان في الواحدة عدة أماكن مختلفة يحتاج فيها إليها.

فأما قولهم: عقرت فهي عاقر فليس "عاقر " عندنا بجار على الفعل جريان قائم وقاعد عليه، وإنما هو اسم بمعنى النسب بمنزلة امرأة طاهر، وحائض، وطالق.


١ كذا في ش، ب. وفي أ: "حدثنا". وسبقت هذه القصة في ص٧٦ وما بعدها.
٢ أبو عمرو: هو ابن العلاء. وأبو خيرة: نهشل بن زيد، "انظر فهرست ابن النديم".
٣ جمع عرقة وهي الأصل.
٤ يريد أنه طال عهده بالبادية حيث الخشونة والقشف, وأثر فيه الحضر فنال ذلك من فصاحته. وانظر هذه القصة في مجالس ابن حنزاية "المجلس الثاني".
٥ انظر ص١٢٦، ٢٥٠ من هذا الجزء.

<<  <  ج: ص:  >  >>